كتاب

في البلقاء أهلك وفي القلوب محلك

في لقاء له كثير من الرمزية ترتبط بمكانه وزمانه، زار جلالة الملك يرافقه سمو ولي العهد السلط وحل بين أهله، فمن مدرسة السلط الثانوية للبنين تستدعي الزيارة تاريخًا حافلًا يمتد إلى أكثر من قرن من الزمن استطاعت من خلاله المدرسة أن تخرج رجال الدولة المخلصين الذين حملوا على أكتافهم ترجمة الرؤى الهاشمية لمملكة تكون واحة للأمن والاستقرار واحترام الإنسان وكرامته، ومن التوقيت، حيث يتابع العالم بكثير من الأسى الذي تخالطه الدهشة مصائر العديد من البلدان العربية التي اضطربت بوصلتها ووقعت في الارتباك تجاه تقدير الأولويات، فإن المملكة الأردنية الهاشمية تقدم نموذجًا في البناء والتنمية والازدهار وفي خصوصية العلاقة والعروة الوثقى بين القائد وشعبه.

يتحلق الأردنيون في مشهد عفوي حول الملك، ويتحدثون صراحةً وبكثير من الانفتاح، يعبرون ليس عن امتنانهم للمسيرة التي وصلت بالأردن إلى هذه المرحلة وعبرت جميع التحديات والصعاب لتحقيق نموذجها المتفرد، ولكنهم يتكلمون أيضًا عن مخاوفهم وتحدياتهم، ويجدون الابتسامة الملكية التي كانت عنوانًا لمواجهات كثيرة خاضتها المملكة من أجل المحافظة على ثوابتها ومصالحها في مرحلة حساسة وحرجة من تاريخ المنطقة.

يعرف الأردنيون أنهم يمثلون حالةً خاصةً، فالعقد الاجتماعي متوطد وواضح لا يحتاج تجويدًا ولا تأويلًا، والتطلعات الطموحة تجمعهم مع القيادة الهاشمية، فيجلسون بصورة مستمرة وفي مناسبات متعددة مع جلالة الملك، يتحدثون ويستمعون، فلا توجد فجوة يمكن لأحد أن يستثمرها للتشكيك أو التهويل أو التهوين إلا صاحب غرض أو غاية في نفسه، وحتى هؤلاء، فإن الخبرة التاريخية لمنظومة الحكم في الأردن تلفظهم بطريقتها إذ يفقدون مصداقيتهم ويصبحون خارج الإجماع، وفي البيت الأردني تبقى الأمور واضحةً للعيان.

تأتي زيارة السلط بمكانتها التاريخية ودورها منذ رحلة التأسيس وخلال مسيرة البناء وعبر طريق النهضة والنماء لتكون تأكيدًا على أن الأردن يمضي في طريقه لأن مسيرته قامت على أسس صحيحة كانت اللقاءات والزيارات الملكية احدى أدوات تعزيزها وصيانتها لتصبح ملاذًا لكل الأردنيين.

الأردن الواثق والشامخ، يعلن عن نفسه على الدوام، والدولة الأردنية في شتى التجليات تصبح اليوم في صدارة الدول التي تسعى لأن تعمل على استعادة المنطقة لطريق التنمية والبناء بما تستحقه الشعوب العربية الشقيقة، وتقدم نموذجها غير ملتبس، ولكنه بسيط يتبدى في هذه العلاقة واللحمة بين القائد وشعبه، بين ما تسره القلوب وما تنطق به الألسن، بين القول والفعل، فيكون العزم عنوانًا ورايةً للتجربة والنموذج الذي يفتخر به الأردنيون ويباهون وله يؤكدون الولاء و ينتمون ومعه ماضون.