كتاب

كلام نواب..

محاولة كسب عواطف الناس بالتاثير عليهم بكلمات شعبوية لا صدى لها وتاخذ صفة المهاجمين على مرمى الحكومة التي يستغلها بعض النواب قد تخاطر أحياناً بزيادة نفور أنصارهم وفقدان شعبيتهم.والتهديد الحقيقي للديمقراطية ينبع من تكتيكاتها لاستغلال الشعبوية لمصالحة البعض وليس من دعم شعبي واسع لنهج مناهض للديمقراطية.

أصيب الكثير من المواطنين والإعلام و النخب السياسية بالذهول من بعض كلمات النواب، فوقعوا في حيرة كبيرة منهمكين في محاولة فهم ما حدث ولماذا.

تصرفات وكلمات وتحركات بعض السادة النواب لا سيما الجدد منهم في الرد على البيان الوزاري لحكومة د جعفر حسان.. وهم جدد. ومع تنوع وتعدد أنواع النواب نأمل يتجه بعض النواب للتصرف كبرلماني متمكن وعميق في المشهد السياسي الحالي كما نريد ونتوقع. نريد ان نرى حركات وكلمات مقرونة بالتصرفات المسؤولة بعيدا عن الشعبوية،أو بحثا عن كاميرا أو تصريح ساخن يجذب الانظار.

والان فان المواطن يعي ويدرك وبفهم ويشاهد ويراقب اداء النواب ويستطيع التمييز ما بين التظاهر بالاستعراض الفارغ وما بين الاداء الجاد والفاعل من قبل النائب، فالمواطن تعرض للكثير من الخداع والتضليل من قبل البعض وأصبح يدرك تماما آن المرحلة الحالية تحتاج إلى إعادة التركيز بكل أمانة ومسؤولية للقصايا الوطنية الملحة وهناك من الهموم والمحركات التي تشغل بال المواطن وبحاجة لعلاج بيولوجي ديناميكي ناجع. وينبغي للنائب ضرورة الالتزام وعدم مخالفة الميثاق الذي قطعه على نفسه امام منتخبيه.

ولا ينتظر المواطن من النائب أشبه ما يكون من مغامري صفحات التواصل الاجتماعى فيس بوك وتويتر، ممن يفضلون إطلاق الإفيهات عن العمل بجدية وصمت يساعد فى تفهيم الناس ويشركهم فيما يجري. مجرد تصريحات فرقعية الهدف منها لفت الأنظار والحصول على إعجابات ومدح وثناء فقط، من دون أي تحرك برلماني وبالطبع تقدم النواب بطلبات أو استجوابات تنتقد الحكومة أو أداء بعض الوزراء، وهو أمر يمكن أن يكون محمودا، لو كان النواب بلا غرض. لكننا نرى نفس السادة النواب يطاردون الوزراء فى أروقة البرلمان بحثًا عن توقيع أو طلبات لأهالى الدائرة.، بينما يفترض أن يسعى هؤلاء النواب لترسيخ قواعد القانون والمساواة وتكافؤ الفرص فى الوظائف والخدمات وإيجاد الحلول امام استحقاق دستوري ووطني ونحن مقبلون على مراحل مختلفة لاهداف الوطن والمواطن

نريد نائب بحجم المهمات المدرك للواقع بكل ابعاده وتحدياته وأن لا ترتبط علاقته بالحكومة بالطلبات والخدمات للدائرة فقط، وأكثرها طلبات فردية ترسخ لنظام يفرق بين المواطنين، وتمنح الحق لمن يستطيع الوصول للنائب، وليس لصاحب الحق.

وبالتالي من الصعب أن نصدق نائبًا يستجوب الوزير وهو يجرى وراء الوزراء يطلب توقيعا، ومرات كثيرة انتقدت بمجالس سابقة، غياب النواب وتزويغهم أثناء مناقشة مشروعات القوانين المهمة.

واستطراداً، يميل أولئك الذين يشعرون بالذعر من صعود الشعبوية إلى الاعتقاد أن التحولات في الرأي العام هي التي تغذي نجاح الأحزاب والشخصيات الشعبوية والبرلمانية مما يجعل من المحتمل والممكن والمتوقع، فكرة أن موجة جديدة من الاستياء الشعبي تعيد تشكيل المشهد السياسي كما كان في السابق بحيث، لا تعزى مكاسب القوى السياسية والحزبية في البرلمان الحالي إلى تغير حقيقي في المعتقدات السياسية لدى الناس، بل تعود إلى تغيرات في سياسات النخبة. بمعنى آخر، فإن التطورات التي تبدأ من القمة، وليس من القاعدة، هي التي توجه مسار المصالح: مجموعة موسعة من الخيارات السياسية المتاحة للنواب، وتعبئة أكثر فاعلية لاستياءات مزمنة، وميول القادة السياسيين البارزين للتنازل في وجه تحديات تكون في بعض الأحيان وهمية أكثر منها حقيقية.

مصير الديمقراطية والصورة البرلمانية لدى الراي العام يقع في أيدي البرلمانيين والسياسيين. هم الذين يختارون إدارة المشاعر الشعبوية أو تهدئتها أو تجاهلها أو تأجيجها.. وعندما تستخدم المظالم الشعبية كذريعة لسياسات وسلوكيات سيئة، أو ما هو أسوأ من ذلك، كذريعة للتراجع عن المبادئ الوطنية، فإن اللوم يقع على البرلمان والسياسيين، وليس على المواطنين.