كتاب

ملحمة أردنية دبلوماسية إكرامًا لفلسطين ولبنان

يدخل العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة عامه الثاني حيث تواصل قوات الاحتلال حصارها وحربها البرية والبحرية والجوية على القطاع، مرتكبة الألاف من المجازر والجرائم بحق المدنيين العزل، كما تواصل عمليات التصعيد العسكري في الأراضي اللبنانية منذ شهور، وسط تحذيرات أممية ودولية من نشوب حرب إقليمية بالمنطقة، لذلك تواصل المملكة جهودها الدبلوماسية والسياسية والإنسانية مع كل الأطراف المعنية والدولية والإقليمية، من أجل وقف تلك العمليات العسكرية التى تهدد السلم والأمن الدوليين فى المنطقة والعالم بأكمله.

الجهود الأردنية بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني لوقف العدوان الإسرائيلي على فلسطين لم تبدأ من أكتوبر 2023، بل هي ممتدة منذ عقود، حيث تعمل عمان على دعم تطلعات أبناء الشعب الفلسطينى فى إقامة دولتهم المستقلة على حدود 4 حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أرضهم ووطنهم، من خلال وضع استراتيجية ثابتة وواضحة ومحددة المعالم، ولأن فلسطين جزء لا يتجزأ من الأمن القومى الأردني، ونظرا لارتباط الأردن بالقضية الفلسطينية وبرعاية هاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية هناك، الذى يعد ار?باطا تاريخيا وشرعيا دائما ثابتا تمليه اعتبارات الأمن القومى الأردني، وروابط الجغرافيا والتاريخ والدم مع شعب فلسطين، تبذل القيادة الأردنية كل الجهود من أجل حقن دماء الشعب الشقيق، وتعمل كل المحاولات من أجل إعادة الحق لأبناء الشعب الفلسطينى.

وباعتبار الأردن هى الدولة الأكبر تأثيرا دوليا والمساند الأكثر فى نصرة القضية الفلسطينية، نسجت عمان ملحمة دبلوماسية سياسية عابرة للحدود، واتخذت تدابير وقرارات ذات طبيعة سياسية لمساندة القضية الفلسطينية منذ نشأتها، وتمثل ذلك فى مواقف القيادة الأردنية، فى المحافل والمؤتمرات الإقليمية والدولية.

وجه جلالة الملك عبد الله الثاني، منذ اللحظة الأولى لاندلاع العدوان على غزة، بتجميد جميع العلاقات مع الكيان المحتل وبتكثيف اتصالات عمان مع جميع الأطراف ذات الصلة والأطراف الإقليمية والدولية وحتى الآن، من أجل الضغط على دولة الاحتلال لوقف العدوان الهمجي وتجنب مخاطر وخيمة للتصعيد الجارى.

وقفت الدولة الأردنية وقفة جادة وحازمة ومانعة منذ اندلاع أحداث السابع من أكتوبر، وبذلت جهودا مضنية وشاقة من أجل وقف النزيف المستمر ومعالجة الأوضاع الإنسانية الكارثية فى غزة عبر عدة مسارات متوازية، أبرزها التصريحات التى أطلقها الملك، وشدد على الوقف الفورى لإطلاق النار، وتنظيم قمة دولية بالبحر الميت للسلام ودعم جهود وقف العدوان وبالمشاركة باللقاءات الأممية والقيام بجولات مكوكية، وبادرت عمان ضمن الجهود الحثيثة لتنفيذ هدنة إنسانية ووقف إطلاق النار بقطاع غزة، وفتح المعابر ومد الجسور الجوية التي طار بها الملك بنف?يه وولي العهد والاميرة سلمى لإدخال المساعدات الإنسانية والطبية، وكذلك عمليات الإنزال الجوى، بالإضافة إلى المرافعة التاريخية لعمان فى محكمة العدل الدولية ومنظمات حقوقية إنسانية.

لم تعتمد عمان فى التعامل مع تلك الحرب لحل الازمة من خلال الجهود الدبلوماسية والسياسية فقط ؛ وإنما اعتمدت أيضا على قوتها الناعمة وعلاقاتها التى سيظل التاريخ يتحدث عنها للأجيال المقبلة، واستطاعت خلق رأى عام عالمى داعم لحل الدولتين، ووأد مخطط التهجير الصهيوني.

لعب الأردن دورا بارزا فى إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة وزرع مسشتفيات الخدمات الطبية هناك معززة بكوادر طبية مؤهلة وباجهزة ومواد طبية وعلاجية متنوعة وفتح الأردن صدره لاستقبال الحالات الطارئة في مستشفيات عمان.

نعم ؛ ساهمت عمان فى دخول قوافل المساعدات وانتظارها عبر معبر رفح الحدودى إلى قطاع غزة، وكان لها فى ذلك أهمية قصوى وشهدت حضورا لسمو الأمير الحسين ولي العهد بمتابعة إجراءات دخول المساعدات بنفسه عبر معبر رفح لقطاع غزة. وأكد الأردن أن استمرار السيطرة العسكرية الإسرائيلية على الجانب الفلسطيني للمعابر الحدودية ورفح، وتقاعس إسرائيل عن فتح معابرها الأخرى بشكل كامل أدى إلى تقويض عملية النفاذ الإنساني، وهو أمر ترفضه عمان بشكل قاطع ويعكس اصراراً اسرائيلياً على اعاقة دخول الشاحنات الإنسانية في مخالفة صارخة للقانون الدو?ي الإنساني.

ودعمت عمان الجهود لتحقيق التقارب بالداخل الفلسطيني، وموقف الأردن الثابت بشأن تمكين السُلطة الوطنية الفلسطينية من الاضطلاع بواجباتها في قطاع غزة، وحرصت على التأكيد على ثوابت الموقف الأردني، وفي مقدمتها رفض تهجير الفلسطينيين من أراضيهم، وضرورة توحيد الضفة الغربية وغزة تحت قيادة السلطة الفلسطينية باعتبارها وحدة متكاملة من الأراضي الفلسطينية، وأهمية تنفيذ حل الدولتين.

واتجهت عمان نحو الوقف الفوري للعدوان الإسرائيلي على لبنان الشقيق، والتطبيق الكامل لقرار مجلس الأمن رقم 1701، وكان موقف الأردن في هذا الصدد داعم للبنان وسيادته وسلامة أراضيه، ورفض وإدانة العدوان الإسرائيلي سواء في الأراضي الفلسطينية أو لبنان، وشدد على أهمية دور المجتمع الدولى فى وقف التصعيد بالمنطقة، ومنع الانزلاق نحو حرب إقليمية ذات تداعيات كارثية على حاضر ومستقبل شعوبها.

وواصل جلالة الملك تقديم جميع صور الدعم للبنان وشعبه الشقيق، حيث ثمن رئيس الوزراء اللبنانى المساندة الأردنية الثابتة والراسخة للبنان، وأكد دعم جهود الأردن الرامية لتحقيق السلام والاستقرار بالمنطقة.

ختاما: (غيض من فيض) أي قليلٍ من كثير لما يقوم به الأردن من اجل فلسطين واشقائه العرب.