كتاب

زيارة المرضى في المستشفيات

تعج المستشفيات بالمرضى الذين يعانون من مختلف الأمراض، ذلك أن المرض جزء من حياة البشر منذ بدء الخليقة، ويصبح الانسان في أضعف حالاته عندما يبتلى بالمرض..

وعبر التاريخ تطورت أساليب معالجة الأمراض، واختلطت فيها الخرافات بالعلم، وقد ارتبطت بداية الاهتمام بصحة الانسان وتفسير الأمراض ومصادرها، بتفسيرات غيبية مثل 'أن ما يصيب الانسان يعود في الأصل الى الأرواح الشريرة وغضب الآلهة'، وبسبب ذلك انتشرت الممارسات السحرية وزيارة الاماكن المقدسة والنداء على آلهتها، ومحاولة كسب رضاها ودفع الأرواح الشريرة المسببة للمرض!

ووسط هذه التحولات برزت منذ العصور القديمة وحتى يومنا هذا، أساليب العلاج المرتبطة بالبيئة الطبيعية 'الاعشاب والعقاقير النباتية والحيوانية'، وهناك عدد غير قليل من الناس يعتقدون بصحة هذه المعتقدات، وذلك راجع الى العوامل الاجتماعية والثقافية والاقتصادية للمجتمع، وظلت هذه التقاليد حتى الآن راسخة في وجدان الشعوب.

ومع التحولات التي طرأت على الحياة وتقدم العلوم، أصبح التقدم الطبي هو الأساس في معالجة الأمراض، وان كنت أعتقد أن جزءا كبيرا من الأدوية التي يتناولها المرضى، هي مجرد مسكنات لا تعالج المرض بشكل جذري، باستثناء بعض الحالات التي تحتاج الى عمليات جراحية، وقد ينتج عن بعضها أيضا مضاعفات سلبية.

وأرى من المهم الاشارة الى ما استجد من أساليب ترويج واعلانات لبعض الأدوية، عبر وسائل التواصل الاجتماعي وخاصة منصة الفيسبوك، والزعم بأن هذه العلاجات ناجعة جدا في معالجة بعض الأمراض، التي عجز الطب العلمي عن علاجها! رغم أن هذه الأدوية قد لا تكون مرخصة من قبل مؤسسة الغذاء والدواء، وهو ما يتطلب من الجهات المعنية، ملاحقة هؤلاء الذين يروجون لهذه الأدوية وفحص مزاعمهم!

ويعنيني هنا التنبيه لفكرة جوهرية، تتعلق بزيارات المرضى في المستشفيات وحتى بعد خروجهم الى بيوتهم، صحيح أن في مجتمعنا عادات ايجابية تتعلق بالتضامن والنخوة، وكان الزوار في وقت سابق يأخذون معهم هدايا للمريض، مثل الفواكه وبعض الحلوى، لكنني أجزم بأن زيارات المرضى في المستشفيات تشكل عبئا ثقيلا، على المرضى وذويهم ماليا ونفسيا، وان بدت للوهلة الأولى ترفع معنويات المريض.

أن المرضى خلال وجودهم في المستشفيات بحاجة الى وقت للراحة، والاستماع الى نصائح الأطباء وقيام الممرضين بخدمتهم، وهذا أمر يتعارض مع تزاحم الزوار، خاصة اذا كان في غرف المرضى أكثر من مريض'ثلاثة أو أربعة'، وفي غرف الطوارئ يكون فيها أحيانا ما يقارب عشرة مرضى! وبالاضافة الى ذلك فإن المستشفيات رغم أنها وجدت لمعالجة الأمراض، لكن من السهل أن تنتقل خلال الزيارات الفيروسات والميكروبات من المرضى وإليهم.

ربما ليس من السهل تغيير عادات وسلوكيات ترسخت في وجدان غالبية الناس، لكنني اعتقد بضرورة التوعية في ذلك، وأنا أتحدث عن تجربة شخصية، حيث أجريت لي أكثر من عملية جراحية كبيرة منذ عام 2001، ولم يعنني اخبار أقرب الناس لي باستثناء زوجتي، وكنت أشعر براحة بال واسترخاء خلال الاقامة في المستشفى، بدون ضغوط نفسية يسببها الزوار..

وهناك بعض الاشخاص، كلما تعرضوا لوعكة بسيطة، ينشرون صورهم على الفيسبوك في المستشفيات، ويناشدون الآخرين الدعاء لهم بالشفاء، وبظني أنه يمكن الاطمئنان على المرضى من خلال الاتصالات الهاتفية، وعبر وسائل التواصل الاجتماعي.

هذه نصيحة مجانية أقدمها لمن يبتلون بالمرض وذويهم ولكافة أفراد المجتمع ولتذكر أن لنا أخوة في قطاع غزة يتعرضون لإبادة جماعية ولا يجدون مستشفيات أو علاجات، ويفترشون الطرقات ولا يجدون سقفً يأويهم، أو يقيمون في مخيمات بائسة وسط الأمراض والأوبئة!

Theban100@gmail.com