كتاب

من الحصن والبركة الرومانية

طغت الحصن والبركة الرومانية على المقصد لزيارتها بمناسبة الاحتفال بيوم البيئة العربي واليوم العالمي للحد من مخاطر الكوارث والذي أقامته الجمعية الأردنية لمكافحه التصحر وتنمية البادية بالتعاون والتنسيق والشراكة مع كل من بلدية لواء بني عبيد وجمعية الأرض والإنسان لدعم التنمية ومحبي البيئة في لواء بني عبيد في مركز الحصن الثقافي وبمشاركة باحثين قدموا أوراق عمل مهمة في هذا المجال.

للحصن والصريح والبركة الرومانية قصة تعكس العديد من معاني الانتماء والحرص وروح الطرفة واثار القسمة والحبل الذي حسم الحكاية في الموروث الشعبي والحقيقي وعلى أرض الواقع والنظر إلى المدى الممتد من حقول القمح وسهل حوران ورواية تغيب عن الأذهاب للاعتداء على الأرض الزراعية الخصبة والمروية بعرق وجهد المزارع عبر الأجيال وتحويلها لقطع تضم العمارات وخسارة الميزة الزراعية لقرى الشمال تحديدا وخاصة في الحصن.

تعتبر الحصن من المدن العريقة والقديمة والتي شهدت وفقا لبعض المصادر على أنها شهدت حضارة وازدهاراً في عدة عصور تركت آثارها بها وهي إحدى المدن العشر لحلف الديكابولس.

على الخط الممتد من النعيمة وكتم وشطنا وايدون والصريح إلى الحصن ثمة العديد والكثير من الحكايات المروية والتي تبتعد قليلا إلى إربد وبيت راس وأم قيس ومجموعة عزيزة من رحلة الغذاء والمتمثل من «مد» القمح وحبات الزيتون إلى بساتين وحقول الشمال عامة والأراضي الخصبة والطهور والتي تتآكل يوما بعد يوم بفعل قضم الأراضي الزراعية وتحويلها لمبانٍ سكنية مكتظة وحجب «الفضا» عن المشهد والذي يسر الناظرين وينعش ويطرب الفؤاد والخاطر.

الوعي ونتائج الدراسات وأوراق العمل والواقع الحالي يتطلب الكثير من العمل لتسليم الأمانة للأجيال القادمة لتحافظ على الارث بمسؤولية وصدق وجهد والتصدي لمحاولات الاعتداء على الرقعة الزراعية.

مثلما شهد الاحتفال في مركز الحصن الثقافي حوارا بين الباحثين وطلبة المدارس حول الخطر المحدق والمنطلق من الحصن على العالم بشكل عام والمتمثل في مضمون ما يفرضه الاحتفال بيوم البيئة العربي واليوم العالمي للحد من مخاطر الكوارث من ممارسات سليمة تترجم الوعي والتعهد إلى واقع ومكان يمكن العيش فيه باطمئنان وأمان.

من الحصن تشكل النداء بعد الاخذ بتوصيات أوراق العمل العلمية والبحثية للمحافظة على رفع الوعي بالبيئة التي نعيش والحياة التي تعني لنا الآن المعاش والأمل بانقاذ الموارد والرقعة الزراعية والمياه والطاقة والبنود الأخرى من مقومات الوجود والانتباه من الملوثات والأخطار والتي تعصف بالإنسان والبيئة حول العالم دون هوادة.

ومن البركة الرومانية في الحصن والتاريخ واستحضار واستذكار الماضي والتدبر فيما مضى من حضارة وتقدم وازدهار في الشمال والمستودع للبذور والزيتون والمحاصيل الزراعية الأخرى في حقول وبساتين وآبار وبرك وأسرار، يلزم النظر للمستقبل وإعادة تأهيل الأراضي بتعزيز القدرة على الصمود كما هو شعار هذا العام لليوم العربي للبيئة.

ثمة الكثير مما يمكن عمله يدا بيد ما بين الجهات المعنية كافة في مجال البيئة والتي تبدأ من الدهان الخالي من الرصاص والمستحضرات الخالية من الزئبق وتوفير عناصر المنعة للبيئة والممارسات، التغير المناخي، المشاركة الشعبية في الحد من الكوارث، والعديد من الممارسات والاستراتيجيات التي من شأنها المحافظة على التوازن المنشود بين الموارد والاستخدام الامثل دون إسراف وهدر واستنزاف واعتداء.

على الجميع مسؤولية كبيرة وثقيلة لا يتحملها سوى الاوفياء لرسالة الإنسان على وجه البسيطة بشرف وأمانة وحرص وإيمان ومخافة الله لنعيش ونستمتع بما أسبغ المولى علينا به من نعم وفضل وكرم لا يقدر بثمن.

fawazyan@hotmail.co.uk