في لندن في وقت سابق جلس وزيرا عدل سابقان هما أيضا من أشهر المحامين حاليا وجها لوجه في قضية تحكيم على خلفية خلافات قانونية بين الحكومة وشركة كبرى ذهبت الى التحكيم الدولي تنفيذا لشرط حدد لندن منطقة للتحكيم في اتفاقيات الشركة مع الحكومة.
لاحظت التعديلات الاخيرة لاعفاء ارباح صادرات سلع وخدمات من ضريبة الدخل هذه المسألة فاضافت بند التحكيم الدولي اليها.
شركات دولية ومستثمرون كثر كانوا يصرون على شرط التحكيم في بلد اجنبي في عقود الاستثمار وقد كنا ننزعج كثيرا كمراقبين عندما نتابع مثل هذه القضايا التي تخص الاردن في تلك الدول ونسأل لماذا لا تجري في الاردن؟.
خلال أقل من عام فضلت شركات كثيرة لها امتدادات دولية اللجوء الى التحكيم الدولي بسبب قضايا كان يمكن حلها هنا, لكن شرط ان يكون التحكيم في بلد ثالث كان يعيق ذلك، ليس السبب عدم الثقة في القضاء الاردني بل هي موجودة لكن السبب هو ارتفاع التكاليف والضرائب على اجور المحامين وشركات التحكيم والشركات المتخاصمة.
حتى الحكومة التي تقبل بالتحكيم الدولي لفض المنازعات التجارية في عقود الاستثمار كشرط يفرضه المستثمر الأجنبي والشركات عانت من ارتفاع مثل هذه التكاليف!.
مؤخرا زادت قضايا التحكيم المنقولة الى الخارج, مع انها ظاهرة بل هي ممتدة على طول البلدان العربية وعرضها وفي كل أصقاع العالم النامي.
هناك اسباب اقتصادية لا علاقة لها بكفاءة القضاء ولا كفاءة المحامين اعاقت حتى الان ان يكون الاردن مركزا للتحكيم الدولي مع ان الاصلاحات التي تمت على مستوى القضاء كبيرة لكن ما زال هناك حاجة ماسة لمزيد من التطوير وتدريب القضاة على هذا النوع من قضايا التحكيم الذي سيحتاج الى محاكم مختصة بالنزاعات التجارية معززة بفريق من الخبراء والباحثين القانونيين.
لا يوجد في الأردن مركز دولي معترف به للتحكيم التجاري, مع أن البيئة مهيأة لذلك فهناك قانون مستقل للتحكيم, وهناك محكمون أردنيون معترف بهم في مراكز التحكيم الدولية.
لا يكفي القول بأن الأردن كان سباقا في سن قانون عصري للتحكيم, و ظل الأردن ولا يزال السباق في طرح الأفكار والمبادرات الخلاقة لكن على الأرض كان هناك من هو أسرع في جعل كل ذلك أقداما تمشي على الأرض.
ملاحظات قدمها رجال اعمال ومستثمرون اردنيون حول المنازعات التجارية في سياق مقترحات لإزالة معيقات الإستثمار, وطالبوا بنقل الخبرة والمعرفة, وتطوير آليات التعامل مع قضايا ذات طبيعة تجارية بعضها يجد ما يواكبه في تشريعات بعضها لا يزال يعاني ثغرات.
تطوير التحكيم في الاردن وجعله في مصاف المراكز الدولية، يحتاج الى التأهيل والمراس في قضايا التحكيم والوساطة وهو متوفر.
الاعفاءات الضريبية خطوة لكن ان يكون الاردن مركزا دوليا مستقلا للتحكيم سيحتاج الى اكثر من ذلك.
ننتظر مساهمات لافكار من محامين وقضاة متمرسين ولا بأس من تشكيل لجنة خبراء تعمل على ذلك.
qadmaniisam@yahoo.com