يمضي الوقت مسرعا؛ يخطف منا من نرثيهم بكلمات ونستذكرهم بل ونفتقدهم في لحظات البعد والحاجة لمجلسهم وجميع ما تركوا من ورائهم وصورهم والآن مع مقاطع من حياتهم موثقة ومسجلة وكأنهم بيننا تماما.
مازحني صديق عن معنى ما أكتب حين فراق من نحب، وأردف متأملا وردد: لن تقرأ رثاءك يا عزيزي وسوف تمضي مثلما غادر السابقون، وتسأل لماذا لا نكتب و'نجيب» سيرة من لم يرحلوا بعد (وأنت منهم) قبل فوات الأوان وقبل إصابتنا بالزهايمر وقد أصبح شائعا وبكثرة ولمختلف الأعمار والفئات؟
شدني تعليقه؛ حين ننسى بعضاً ممن هم على قيد الحياة والإنجاز، ليس المديح هو الغاية ولكن الإشارة لعنوان ومحطات العطاء هو المفروض والذي ينبغي عند حصوله عن الذين يعملون ويجتهدون في مختلف مجالات الحياة ويقدمون ما عندهم بنقاء.
البوح والتعبير عن مشاعرنا تجاه من نحب ونحترم ونقدر ليس عيبا وحراما؛ هو توثيق حي للعواطف والذكريات والصفات والمثالب الحميدة وما يمكن ذكره من محاسن ومواقف شخصية عبر مشوار الصداقة والزمالة والجيرة والعشرة.
الذين لم يرحلوا بعد يحتاجون للكثير من الزيارة والحديث وتبادل المرح والفرح وتخصيص الوقت الكافي وربما المدح ورفع المعنوية والتكريم بأشكاله وأساليبه، والوفاء بصوره ومبادراته السخية.
نبدأ من حيث تعلمنا في البيت والمدرسة والجامعة والعمل، ونجوب في رحاب ما يمكن التعبير عنه بالوسائل المتاحة وهي اليوم قريبة وسريعة وكافية للاحتفال والحفاوة بين ومع ثنايا «نوستالجيا» الماضي وعيش الحاضر والدفاع عن اللحظات القادمة.
عبق السعادة يعطر أجواء العلاقات الاجتماعية ويلزم على الدوام إبتكار ما يلزم من الوفاء وأعجبني في هذا المجال ما نظمته مؤخرا جمعية المذيعين الأردنيين بمناسبة يوم المذيع الأردني، بحضور نخبة من رواد العمل الإذاعي والتلفزيوني، وجمع من العاملين في الوسط الصحفي والإعلامي حيث تخلل الحفل تكريم مجموعة من المذيعين الإعلاميين الأردنيين، وتلك محاولة تقوم بها العديد من الهيئات المجتمعية خلال مناسبات معينة للاحتفاء برواد وقامات جديرة بالتكريم.
مناسب ومقدر ويليق بما يقدم لمن يخدمون المجتمع بعطاء وجهد خلال مسيرتهم وفي الوقت المناسب؛ فقدنا من أسرة الرأي قبل أيام المرحوم الأستاذ محمد العمد والمرحوم الأستاذ فخري قعوار، وهما اللذان قدما الكثير خلال مشوار امتد لعقود، وبرحيلهما فقدنا بوصلة كانت توجه كل العبارات الجميلة للوفاء في «عز» المناسبة وقبل المرض والمغادرة.
فرح خاص وشعور عميق بالفخر ينتاب من هم على قيد الحياة عند تذكرهم وإسداء التحية والتفقد والزيارة مثلما تقوم بها مشكورة إدارة المتقاعدين والشرطة المجتمعية في مديرية الأمن العام بزيارات ولقاءات بالمتقاعدين العسكريين والتواصل المستمر معهم، وكم كانت لفتة طيبة شعرت بها مع السيد محمد رفيق جابر (أبو مصطفى) عندما قام وفد من ضباط مديرية الأمن العام بزيارته في منزله للاطمئنان على صحته وتقديم درع الشكر والتقدير له على جهوده خلال خدمته في جهاز الأمن العام.
ثمة من يجب ألا ننساهم مهما بلغت المبررات والأعذار والظروف والإمكانيات وليكن قدوتنا جلالة سيدنا الملك المفدى حين يحرص على التواصل المباشر مع أبناء شعبه عبر زيارات متكررة، لتعكس حنكة القيادة الرشيدة في تلمس مطالب وهموم المواطنين، وحين ينعم جلالته على مجموعة من أفراد الأسرة الأردنية الواحدة بميدالية اليوبيل الفضي تقديرا لدورهم وتضحيتهم لخدمة الأردن الغالي وفي المجالات كافة.
قدرنا الله الاحتفاء بمن لهم الفضل والحق علينا بمناسبات تدخل الغبطة والبهجة على نفوسهم المخلصة النقية.
fawazyan@hotmail.co.uk