قد يوحي هذا العنوان بأن كاتب هذا العمود سيوجه سهام النقد لصندوق النقد الدولي في ضوء المراجعة الاخيرة لبرنامج التصحيح الممدد لكن الحقيقة هي غير ذلك!
ما قصدته هو ان الصندوق لم يقل شيئا بخصوص اجراءات الحكومة لمواجهة الاوضاع الاقتصادية بل على العكس فقد وجدها قد فعلت اكثر مما يلزم والنتيجة سيطرة على المالية العامة ونجاحات متواصلة للسياسة النقدية.
تفهم الصندوق وخبراؤه الاوضاع الاقتصادية في الاردن فهو اي الاردن ليس منقطعا عن المحيط ومن الواضح ان الايرادات تأثرت ومن الواضح ان السياحة تراجعت ومن الواضح ان الاستثمار باستثناء الاتفاقيات التي عقدت مع الامارات العربية ليس واردا وعلينا ان نقر بأن توقيع مثل هذا الاتفاقيات في هذا الوقت هو دعم اقتصادي وسياسي لكنه استثمار حصيف في المستقبل ايضا.
الصندوق لم يقترح وسائل لتعويض الايرادات التي تراجعت وهي بلا شك تؤثر على عجز الموازنة لا انه امعانا في التفهم رفع نسبة العجز الى الناتج المحلي الاجمالي للسنة القادمة لان هذا الناتج سينمو بنحو ٢،٥٪ في افضل التوقعات وهو لهذه السنة يكون بحدود ٢،٣٪.
لم يقترح الصندوق فرض ضرائب او زيادة اخرى فهو يعرف ان الحكومة لن تستجيب وهو يعرف ايضا ان الاوضاع الاقتصادية لا تسمح لكنه واثق ان البرنامج المتفق عليه مع الاردن ليس مهددا بل على العكس هو يسير كما هو مرسوم فقرر زيادة التمويل لزيادة الدعم.
لم يقدم الصندوق أية توصية مالية أو نقدية، بل أبدى رأياً مؤيداً لسياسات وإجراءات الحكومة في المجالات المالية والنقدية، وعبر عن ثقته بها.
يتوقع الصندوق أن ينمو الاقتصاد الأردني بنسبة 2.3% في عام 2024 و2.5% في عام 2025، ويخاطب الصندوق المجتمع الدولي بدعم الاردن للمساعدة في مواجهة الرياح المعاكسة الخارجية، كما اسماها والاستمرار في تحمل تكلفة استضافة عدد كبير من اللاجئين السوريين.
وكرر الصندوق ان دفع الاقتصاد الأردني إلى مسار نمو أعلى أمر ضروري لخلق المزيد من فرص العمل وزيادة الرخاء. وتسريع الإصلاحات الهيكلية، مع الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي الكلي، وإحراز تقدم في المراجعة التي استكملت قبل موعدها ستتيح للاردن 97.784 مليون وحدة حقوق سحب خاصة أخرى (حوالي 131 مليون دولار)، من حجم البرنامج المعتمد سابقاً والبالغ 926.370 مليون وحدة حقوق سحب خاصة (حوالي 1.2 مليار دولار).
يقول الصندوق ان القطاع المالي سليم وممول بشكل جيد. ومن المتوقع أن يتقلص عجز الحساب الجاري إلى 4.4% من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام، ما يساعد في بناء احتياطيات البنك المركزي الأردني، وأن يتسع قليلاً إلى 4.7% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2025.
الإيرادات هذا العام تأثرت، بضعف الطلب وانخفاض أسعار السلع الأساسية للتصدير.
العجز الأولي للحكومة المركزية لهذا العام (باستثناء المنح والتحويلات إلى المرافق العامة) سيبقى عند 2.9% من الناتج المحلي الإجمالي، بزيادة طفيفة عن 2.7% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023. وسيبقى، عند 1.3% من الناتج المحلي الإجمالي بعد المنح، مقارنة بـ 1.4% في عام 2023، والدين العام عند أكثر من 90% من الناتج المحلي الإجمالي مع نهاية عام 2024.
ما سبق جيد بالنسبة لظروف اقل ما يقال فيها انها قاهرة لكن لا بد من اجراءات غير تقليدية لتعزيز مرونة الاقتصاد وتحسين مستويات معيشة الناس، وهو ما تتكئ عليه الحكومة في رؤيتها للتحديث الاقتصادي.
التحدي الذي يواجه الحكومة هو خفض الدين العام إلى 80% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2028 وفي ذات الوقت الحد من العجز الأولي للحكومة المركزية (باستثناء المنح والتحويلات إلى المرافق العامة) إلى 2% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2025.
هذه معادلة شائكة في ظل تراجع الايرادات والحاجة الى تعويضها من دون فرض او زيادة ضرائب ما يعني التوجه الى الاستدانة!
qadmaniisam@yahoo.com