ما يزال وحتى الآن حاضر بيننا بطلته وشخصيته وطريقته وذكرياتنا معه، نتعلم منه الكثير علما وخلقا وقدوة، وبما كان ينصحنا به بعد أن اكتشف صفات كل منا ونظر للمستقبل حيث نحن الآن وببعض التغيير ولكن مثلما تصوره تماما من قبل.
للمعلم في يومه الأغر نتقاسم معه فضل التربية والتهذيب والشدة والحزم في مواضع والرقة واللين في جنبات المعاملة الطيبة من التقدير والاحترام وترقب النتائج في كل صف ومرحلة وحتى بعد التخرج من الجامعة وزمالة بعض الأساتذة في العمل والمجال التربوي.
توزعنا في أرجاء المعمورة وبقينا أقرب إلى درج الذكريات في المدرسة والساحة وطابور الصباح وتفقد كل ما يمت للطالب بصلة من الشعر والأظافر والزي والمظهر والجوهر والسلوك والطلب الصعب بإحضار ولي الأمر عند نهاية واستنفاد التنبيهات وتكرار المشاغبة.
سعدت يوم الانتخابات بالتواجد في مدرستي ضرار بن الأزور في جبل اللويبدة، وحين صعدت لغرفة الاقتراع، عدت لذلك الطالب يحث الخطى من الصف إلى الحياة العملية والعلمية ويتخرج عام 1981 ويستحضر صورة لبعض أساتذتي وممن اسعفتني الذاكرة لتحيتهم وتوثيق اسمائهم ومنهم: الأستاذ غازي سعدية، الأستاذ سليم أحمد حسن، الأستاذ حسن دوعر، الأستاذ محمد عيسى زاش، الأستاذ حيدر مدانات، الأستاذ حامد الخطيب، الأستاذ سعيد صالح، الأستاذ عدنان الخطيب، الأستاذ مصطفى صالح، الأستاذ عبد الرؤوف شمعون، الأستاذ فوزي سويدان، الأستاذ مصطفى عابد، الأستاذ عيسى قاقيش، الأستاذ ايوب قاقيش، الأستاذ فؤاد خضر، الأستاذ عبد الكريم البركات، الأستاذ فوزي الشلة، الأستاذ محي الدين النجار، الأستاذ عيسى الصايغ، الأستاذ أحمد قزاز، الأستاذ رشيد حسن، الأستاذ عجلان مدانات، الأستاذ داوود الخطيب، الأستاذ نبيل العسعس، الأستاذ محمد أبو شيخة، ومن قبلهم في مدرسة جميل شاكر الأستاذ عدنان عبد اللطيف شاكر، الأستاذ حسن البرقاوي، الأستاذ يونس شعيب، الأستاذ حسام الأطرش، الأستاذ محمد السنتريسي.
فقدنا من أساتذتنا برحيلهم إلى دار الحق، ولكن ما يزال التواصل وحتى اللحظة مع بعضهم وقد كبر فينا وفيهم العمر والتدبر في المشهد التربوي اليوم وما حدث من تطور وجملة من التفاصيل على المناهج، طرق التدريس، مكانة المعلم وأمور وهموم كثيرة تواجه المجتمع وتشكل تحديات حياتية وتربوية تحتاج لمعالجة جذرية.
المعلم وقد مضت على سنوات عمله ومن ثم تقاعده السنوات، يجلس اليوم ويشهد شريط الذكريات وسلسلة من المشاهد التي عطرت الماضي بكل جهد وعطاء وبناء وبكل ما قدمت للأجيال التي علمها ودرسها تباعا مرددا مثلما كان صوته يصل لجيران المدرسة: «أين أنتم يا أبنائي؟».
بين الأمس واليوم ما تزال صورة المعلم القدوة في ملبسه ومظهره وسلوكه وتعامله ومكانته الاجتماعية وخلاصة فكره ماثلة أمامنا علنا نكرمه بما يستحق من حفاوة وتقدير وباقات من الامتنان والعرفان له على ما تفضل وتكرم وأكرم.
وسام التربية والتعليم وسيلة مناسبة للوفاء والعرفان للمعلم، على الرغم من وجود جوائز مهمة، ولكن شرف الوسام علامة لمعلمنا الذي افنى شبابه في رحلة تربوية وتجاوز الصعاب وخرّج للمجتمع أفواجاً وأجيالاً خدمت بنفس روح الانتماء والاخلاص للوطن.
عند المعلم نقف إجلالا واحتراما ونهتف عاليا: أنت ضمير الأمة، نعيش بهمتك وكرامتك وعزتك، وسوى ذلك لن نخطو نحو العلا أو نعرف كيف نركب الحروف، دمت معلمنا نورا ينير عتمة الطريق.
fawazyan@hotmail.co.uk