قلت في المقال السابق وفي مقالات سابقة، إن العدو الإسرائيلي يسعى الى تدمير كل ما من شأنه إبقاء قضية فلسطين حية، لذلك فان تدمير مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، او خنقها بمنع اسباب الحياة فيها من اهم وسائل العدو لتحقيق هدفه في طمس حقائق قضية فلسطين، ولذلك أيضاً فان من أهم الاهداف التي تتعرض للتدمير المنهجي الذي يقوم به العدو الاسرائيلي في عدوانه على قطاع غزة والضفة الغربية ولبنان، هي المخيمات لأن هذه المخيمات هي العنوان الأهم للصراع الدائر في منطقتنا، وهي التذكير المادي الحي والملموس على ان هناك شعباً شرد من وطن?، وان له الحق في العودة الى هذا الوطن. لذلك يعمل المحتل الاسرائيلي على تدمير هذه المخيمات، ويسعى الى منع سبل الحياة عنها، لذلك عمل ويعمل على شيطنة وكالة الامم المتحده لتشغيل وإغاثة اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) ليمنعها من العمل على ابقاء إمكانيات الحياة في المخيمات الفلسطينية، في اطار سعيه لتدمير الحقيقة من خلال تدمبر اهم عناوينها.
لقد ادرك الاردن هذه الحقيقة، التي احتلت حيزا هاما من خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين أمام الهيئة العامة للأمم المتحدة الاخير، عندما قال جلالته: (فمنذ قرابة العام وعلم الأمم المتحدة الازرق المرفوع فوق الملاجئ والمدارس في غزة يعجز عن حماية المدنيين الأبرياء من القصف العسكري الاسرائيلي. وتقف شاحنات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة بلا حراك على بعد أميال فقط من فلسطينيين يتضورون جوعا).
إنطلاقًا من ادراك الاردن لهذه الحقيقة، كان ومازال وسيظل الدفاع عن وجود (الأونروا)، وتمكينها من القيام بعملها في المخيمات الفلسطينية، بندا ثابتا على جدول اعمال الدبلوماسيّة الاردنيّة، وخاصة لقاءات جلالة الملك مع قادة العالم والقوى الحية فيه.
وفي الوقت الذي يسعى فيه الاردن للدفاع عن (الأونروا)، فانه يبذل قصارى جهده للحفاظ على المخيمات الفلسطينية المقامة على أرضه، ويعمل لضمان الحياة الكريمة للاجئين القاطنين فيها، لذلك لدينا دائرة للشؤون الفلسطينية، مرتبطة بوزارة الخارجية وشؤون المغتربين، لان الاردن يؤمن بأن المخيمات عنوان سياسي ودبلوماسي لابقاء حق العودة قائما، وهو يعمل من خلال هذه الدائرة وعبر لحان تحسين الخدمات في المخبمات المرتبطة بهذه الدائرة على رفع سوية الحياة في المخيمات الفلسطينية.
أكثر من ذلك، فانه يتم تخصيص جزء كبير من المبادرات الملكية لرفع سوية الحياة في هذه المخيمات، فتنشئ فيها المدارس والمراكز الصحية، والملاعب والحدائق، وسائر البنى التحتية، والمرافق التنموية، ومؤسسات رعاية الطفولة، وتمكين المرأة والطفل، ومؤسسات الرعاية الاجتماعية، حفاظا على كرامة سكان هذه المخيمات وانسانيتهم، ولما هو اهم من ذلك وهو بقاء قضية فلسطين حية، والحفاظ على حق أبنائها بالعودة حيا حتى يتحقق.
وحتى يأتي زمن العودة، (وهو قادم بإذن الله) علينا جميعاً أن نعمل بكل السبل لإبقاء قضية فلسطين حيّة، اول ذلك ابقاء المخيمات الفلسطينية تعج بالحياة ويسكنها أصحاب حق العودة، على أن نضمن لهم الحياة الكريمة في هذه المخيمات حتى تتحقق عودتهم الى دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس.