من خلال تجربتي الشخصية في التعليم والإدارة الصفية، أعترف بأنني قد ارتكبت العديد من الأخطاء في سَنَتي التدريسية الأولى، وأنّ معظم ما تعلمته ينطبق عليه مبدأ التعلم بالمحاولة والخطأ، ولكنني سعيد الآن أني قد عززت هذه الخبرة بنتائج البحث العلمي الموثقة عالمياً. إدارة سلوك الطلبة هي مجموعة من الأنشطة التي يستخدمها المعلم لتنمية الأنماط السلوكية المناسبة لديهم، وتعديل الأنماط غير المناسبة، وتنمية العلاقات الإنسانية الجيدة، وخلق جو اجتماعي فعَّال ومنتج داخل الصف الدراسي والمحافظة على إستمراريته.إدارة الصف من المَه?م الأساسية للمعلم والتي يتوقف عليها إلى حد كبير مَهام تنفيذ التدريس، وإدارة الصف هي مجموعة من الأنماط السلوكية المعقدة، التي يستخدمها المعلم لكي يوفر بيئة تعليمية مناسبة ويحافظ على استمرارها، بما يُمكن المعلم من تحقيق الأهداف التربوية والتعليمية المنشودة. إذا كنتَ تعاني من مشاكل ضَبط الطلبة، إليك النصائح الست العملية التالية:
1- استخدم صوتك الطبيعي، هل تدرس باستخدام صوتك الطبيعي؟ إنَّ الحديث بمستوى أعلى من صوتك الطبيعي سيؤدي إلى خسارتك له يوماً ما. إذ ليست الطريقة الفضلى للحصول على انتباه الطلبة هو رفعك لصوتك، فالطاقة المبذولة في هذا الاتجاه غالباً ما تضيع سدى، بالإضافة إلى ذلك فإن الطلبة سوف يقلدون صوتك العالي وربما تتكون لديهم مشكلة الصراخ. إذا كنّا نريد من الطلبة أن يتكلمون بصوت مريح وطبيعي، إذا علينا أن نتكلم بصوت مريح وطبيعي أيضاً، هذا مع مراعاة استخدام النغمات الصوتية المناسبة مع الموقف الصفي أو التدريسي لجذب انتباه الطلب?.
2- تكلم فقط عندما يكون الطلبة هادئين ومستعدين، فلا تتوقع أن السرعة في الحديث هي الأفضل، بل على العكس تماما فالصمت هو الأفضل؛ حتى يبدأ الطلبة بالنظر إليك وحَثّ بعضهم البعض على الصمت بسبب توقع بداية حديثك. من خلال خبرتي فإنّ المشي بين الطلبة أيضاً يساعد على الحصول على انتباههم ويُنبه لوجود المعلم.
3- استخدم إشارات اليدين ووسائل الاتصال غير اللفظية الأخرى، رفع يديك للأعلى وصنع التواصل البصري مع الطلبة هما طريقتان رائعتان لجعل الطلاب هادئين والحصول على انتباههم. وعلى الرغم من فعالية الاستراتيجيات السابقة، فإنّ بعض الطلبة قد يستغرق وقتاً للالتزام بهذا الإجراء الروتيني لبداية الحصة. إسأل الطلبة واطلب منهم أن يرفعوا أيديهم معك حتى تصبح جميع الأيادي في الأعلى، ثم اخفض يديك وابدأ بالحديث. فَكّر بهذه الطريقة على أنها الضوء الأخضر لبداية الحصة الدراسية. ثم حاول استخدام نشاطات أخرى مع الطلبة الأصغر سناً مثل ا?تصفيق ثلاث مرات لبداية الحصة الدراسية، أو التصفيق لمرتين كإشارة لانتهاء وقت النشاط. تعتبر هذه طريقة ممتعة ونشطة للحصول على انتباه الطلبة وجلب الأنظار إلى المعلم.
4- عالج المشكلات السلوكية بسرعة وحكمة، وتأكد من أنك تعالج المشكلات السلوكية بين الطلبة أو بينك وبين الطلبة بالسرعة الممكنة. حيث أنه من الممكن أن يتطور الشعور السيء من جهتك أو من جهة الطلبة بسرعة فائقة كالنيران. لمعالجة هذا النوع من الصراعات بحكمة، عليك أن تتكلم مع الطالب بعيداً عن الطلبة الآخرين وبعد نهاية الحصة التدريسية (مثال: في الممر الموصل للغرفة الصفية أو المكتبة). أبدأ الحديث بسؤال بسيط لكسر الخوف والجمود مثل «كيف يمكنني أن أساعدك؟» ولا تَتهم الطالب بأي شيء. أظهر الاهتمام بتصرفك حتى إذا كان لديك مشا?ر مضادة في تلك اللحظة. سوف يتخلى الطالب في هذه اللحظة عن الأسلوب الهجومي المُضادّ الذي قد يكون ناجما عن تصوره أنك غاضب ومستعد للمصادمة. وإذا كان لا بد من معالجة السلوك السيء خلال الفترة التدريسية وأمام الطلاب، فحاول دائماً أن تستخدم الأسلوب الإيجابي. قل مثلاً «يبدو أن لديك سؤالاً» بدلاً من «لماذا أنت منشغلاً عن أداء المهمة المطلوبة وتتحدث مع زميلك؟» حيث أن الصيغة الثانية هجومية وفيها اتهام للطالب بأنه مهمل ومشاغب.
5- حضر لدرسك جيداً، تعتبر هذه الإستراتيجية هي الأهم، إذا لم يكن لديك خطة لهم، فإنهم سوف يبتكرون خطة لك. دائماً خَطّط لأكثر من حصة دراسية، ومن الأفضل أن ينتهي الوقت قبل أن تنهي أهدافك بدلاً من أن لا يكون لديك شيئاً لتقدمه حتى نهاية الحصة الدراسية. ومن خلال خبرتي التدريسية لكافة المراحل أنا متأكد أن الطلبة المالـّين وغير المشغولين بالمهام التدريسية الفعّالة عادةً ما يكونون مصدر مشاكل للمعلم ولزملائهم. وغالباً ما تتحول مشاكل الطلبة التعليمية إلى مشاكل سلوكية؛ نتيجة لعدم التعامل معها بذكاء منذ البداية. كلنا نع?م أن الدروس التفاعلية الجيدة تحتاج إلى جهدٍ ووقتٍ كبير لتحضيرها ولكنها حتماً تستحق هذا الجهد والوقت.
6- وأخيراً، إن شخصية المعلم هي المفتاح إلى التعلم، فلا يكفي أن يُعلم المعلم بعلوم التدريس ومحتويات الموضوع المقدم، إن لم يكن صاحب شخصية مرحة فكهة، تعلو وجهه دائماً ابتسامة مشرقة، وذا خطاب مهذب رقيق، يجعله يدخل إلى قلوب طلابه في يسر، فيحبونه ويحترمونه. وبهذه الطريقة يسهل عليه إدارة سلوك طلابه، ومن ثم تحقيق أفضل النتائج المرجوه.
مستشار التربية والتعليم،