كتاب

ماضون في مسيرة التحديث

للمرة الثانية ينتقل مدير مكتب جلالة الملك، إلى الدوار الرابع مقر الحكومة، حيث يغادر رئيس الوزراء د. بشر الخصاونة، ليحضر في هذه المرحلة رئيس الوزراء المكلف د. جعفر حسان، فما الذي يعنيه ذلك؟

الإصلاح السياسي وديعة ملكية يسعى جلالته بحرص لتمريرها إلى الأجيال المقبلة، وبذلك هي وديعة لا تقبل في مداولتها سوء التفاهم أو الهمس الذي تضيع فيه نصف الكلمات وكل المعنى من المتحدث إلى المتلقي، والوقت ليس مناسبًا لذلك، فالغاية هي تأسيس الإدارة المسؤولة التي يمكن أن تطل على المشهد بمختلف زواياه وأبعاده، وكثير من الحكومات في الماضي بقيت أسيرة في الفعل ورد الفعل، وفي جدولة ترحيل المشكلات، وهو ما لا يريده الملك للأردنيين في هذه المرحلة، فالإصلاح ليس مجرد إجراءات بل يمضي لأن يكون عملية متكاملة وشاملة، ولذلك فهي أهم من أن تترك للتجربة والخطأ، لقد تجاوزنا ذلك الزمن في الأردن.

في الممارسة السياسية القاعدة الملكية هي توفير الاستقرار الدستوري والمعنى هو أولوية الدستور واستحقاقاته في ظل الظروف العادية؛ وجلالة الملك سعى دائمًا للتصدي شخصيًا لأزمات الإقليم، وأن يضع الأردن في مأمن من عواصفه، ليترك للحكومة مسؤولية التأسيس للتحديث السياسي بوصفه مشروعًا متكاملا، ومرتقبا، ومأمولا وليس لأحد أن يختطفه من الأردنيين، وبطبيعة الحال فإن رئيس الحكومة المكلف يعرف بالتفاصيل الأولويات ويمتلك مفاتيح لمقاربتها، ويمكن أن يبدأ على أرضية إنجاز الانتخابات النيابية الذي أعطى دفعة معنوية كبيرة للأردنيين وجعل الإقليم والمجتمع الدولي ينظر اليها على انها أتت ملهمة ولائقة بالأردن العازم على تحقيق نموذجه الخاص، ومليك يصر على تأكيد مكانة بلاده المستحقة في وسط العواصف الإقليمية والتحديات العالمية.

نشكر الرئيس الخصاونة، ونستقبل الرئيس حسان بكثير من التوقعات وذلك من حق الأردنيين المخلصين بعد أن اوفى جلالة الملك وعده الصادق، والذي يسعى لبناء أوطان مستقرة، وأثقل من كل هذه التوقعات هي الثقة الملكية في هذه المرحلة تحديدا، لأن جلالته أعلن التحديث وبقي مؤمنا به لأنه الذي استوعب الأردن في قلبه وضميره ومن أجله تحمل المصاعب والتحديات واثقا ومطمئنا.

أعان الله الرئيس حسان على هذه المسؤولية وجعله ثقة للملك وعونا لشعبه.