كتاب

هل أصبح المجتمع الدولي عاجزاً عن وقف سفك الدم الفلسطيني؟

لا شك أن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي هو من أقدم الصراعات على الساحة الدولية وأكثرها تعقيداً. بالطبع هناك عدة أسباب أدت إلى استمرار الصراع، لكن أحد أهم تلك الأسباب هو عدم وجود وسيط محايد ونزيه قادر على جمع طرفي الصراع على طاولة المفاوضات من أجل إيجاد حل عادل ودائم لهذا الصراع لتتضح بجلاء معالم الخط الفاصل بين القانون والسياسة.

وجاء العدوان على قطاع غزة وكذلك هو الحال بالنسبة للمناطق المحتلة الأخرى في الضفة الغربية والقدس الشرقية إيذانا ببدء انهيار النظام الدولي القائم على القواعد والأحكام القانونية والأخلاقية، تحت ذريعة أن إسرائيل مضطرة لاتخاذ إجراء من أجل حماية نفسها والدفاع عن دولتها وامنها، إلا أن قصف المدنيين من الأجواء يبدو سبيلا لإرهاب الناس، وإرغامهم على الخضوع والاستسلام واجبار حركات المقاومة الفلسطيينية القبول بالأمر الواقع.

في هذه الأثناء، تزداد عمليات الاحتلال العسكرية غير القانونية والاكثر تصلبا في المناطق المحتلة ومواصلة تصعيده على مدن الضفة الغربية والقدس المحتلة، بما في ذلك المسجد الأقصى المبارك، وذلك بالتوازي مع حربه البربرية المدمرة على قطاع غزة، وتتم في الأغلب بسبب شعور بأن إسرائيل في حل من أي مساءلة أو محاسبة، الأمر الذي ينعكس على التطورات السياسية، بصورة تؤذي دولة الاحتلال الإسرائيلي نفسها والآخرين من خلال الاستيلاء على الضفة وتصاعد وتيرة الهجمات التي تشنها إسرائيل بالطائرات العمودية، والطائرات المسيرة، والقوات البرية واعداد الشهداء الفلسطينيين لا يزال في ارتفاع.

عندما أعلنت أرفع محكمة تابعة للأمم المتحدة، محكمة العدل الدولية، أن احتلال إسرائيل للضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية وقطاع غزة، يتعارض مع القانون الدولي وينبغي أن ينتهي، اعتبره رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو؛ «قراراً من الأكاذيب» ولإيمان الأخير أن القوة تنساب من فوهة البندقية.

ولم يزل هناك أمل في إمكانية قيام دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة وعاصمتها القدس الشرقية. إلا أنه في اليوم السابق لصدور القرار التاريخي لمحكمة العدل الدولية، صوت البرلمان الإسرائيلي بالأغلبية الكاسحة على سن قرار تقدمت به مجتمعة الأحزاب التي يتكون منها الائتلاف الذي يتزعمه نتنياهو بدعم من معارضيهم في اليمين وفي الوسط يرفض إقامة دولة فلسطينية.

ولعل هذا، يعكس الموقع الذي يجد المجتمع الإسرائيلي نفسه فيه اليوم؛ إلا أنه موقع مدمر وقصير النظر، صحيح أن دولة الاحتلال الإسرائيلي واجهت صعوبة في إخلاء 8000 مستوطن يهودي من غزة في عام 2005. لكن يوجد الآن ما عدده تقريبا 90 ضعفا من المستوطنين في الضفة الغربية والقدس الشرقية.

لكن لا ينبغي التقليل من أهمية دعوة محكمة العدل الدولية، إلى أن تخلي إسرائيل جميع المستوطنين، وتدفع تعويضات للفلسطينيين على الأضرار التي سببها لهم الاحتلال. ولا تكاد تعترف إسرائيل بالوجود الوطني للفلسطينيين، ولكنه اعتراف ينبغي على العالم إرضاخ إسرائيل على الإقرار به وقبوله.

واختتم؛ على القوى العالمية أن تسأل نفسها لماذا تبدو غير قادرة على التوصل إلى اتفاق لإنهاء سفك الدماء الفلسطيني، إذ إنه دون اتفاق، فإن المؤسسات الدولية والمجتمع الدولي برمته يخاطر بفقد مصداقيته وإيمان الناس بجدواه مؤسساته؟ ولكن طالما أن المبادئ القانونية الدولية غير محترمة، فلن يكتب لأي تسوية سياسية الدوام.