كتاب

صدق الموقف ووضوح الرؤية

كما هو عهدنا به دوما كانت كلمات جلالة الملك خلال تشرفنا بلقائه بصحبة مجموعة من الزملاء الاعلاميين والسياسيين دقيقة وواضحة وتعطي اولوية قصوى لامن الاردن والاردنيين حيث كان تركيز حديثه على ضرورة وقف العدوان الاسرائيلي على غزة والرفض القاطع لاستمراره ومنع اي تصعيد بالمنطقة قد يكون على حساب امن وامان الاردن والاردنيين، معولا على اهمية دور الساسيين والاعلاميين في توضيح الحقائق ومجابهة محاولات البعض التشويش على الدور الكبير الذي يقوم به الاردن بقيادة جلالة الملك لتحقيق الاستقرار في المنظقة والوقوف الى جانب الشعب الفسطيني ودعم قضيته العادلة بشتى السبل.

داخليا وحول استمرار مسيرة العمل والبناء الوطني اظهر حديث جلالته اصرارا واضحا وحزما على ضرورة المضي قدما في عملية التحديث السياسي والاقتصادي والتطوير الاداري وصولا الى حياة سياسية وحزبية ناضجة اضافة الى تحسين الاوضاع الاقتصادية ونوعية وجودة ومستوى الحياة للمواطن الاردني.

ولعل ما اثار الشعور بالفخر والاعتزاز عند الحديث عند حديث بعض الزملاء الحضور عن ضرورة مواجهة المشككين بالانجازات الاردنية هو ثقة جلالته الكبيرة التي كانت واضحة من حديثه بوعي الاردنيين ومعرفتهم وقدرتهم على تمييز وتمحيص الحقائق ومعرفة الجهد الكبير المبذول لاستمرار عمليات البناء والتطوير وطنيا وكذلك بما قدمه الاردن من دعم واضح ومباشر لقضايا امته وفي مقدمتها القضية الفلسطينية ودعم الشعب الفلسطيني في الحصول على حقوقه المشروعة باقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني وعاصمتها القدس الشرقية والرعاية الهاشمية للمقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس والاراضي الفلسطينية المحتلة.

الثوابت الاردنية حول القضية الفلسطينية كانت حاضرة في اللقاء حيث التأكيد على انه لا بديل عن حل الدولتين كمفتاح لللاستقرار في المنطقة ووقف الاعتداءات الاسرائيلية المتكررة على الشعب الفلسطيني وعلى المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس ووقف الهجمات الارهابية التي يقوم بها المستوطنون ضد الشعب الفلسطيني في مختلف الاراضي المحتلة.

وفي واقع الامر ان حديث جلالته انما يأتي تأكيدا على ان الاردن كان دائما ولا زال يقرن القول بالعمل، فعبر تاريخها الحافل في الاشتباك الايجابي مع القضايا العربية والاقليمية والدولية اكتسبت السياسة الاردنية بقيادة جلالة الملك احتراماً وتقديراً دولياً كبيراً، وهذا الامر انما يعود بالاصل للمصداقية العالية التي تمتع بها جلالة الملك والسياسة الاردنية بشكل عام من خلال ثبات المواقف المبدأية والالتزام باحترام القانون الدولي وحسن الجوار واحترام استقلالية الدول وعدم التدخل في شؤونها والسعي المتواصل وبكل السبل لتحقيق الاستقرار في منطقة الشرق الاوسط ومكافحة كل اوجه التطرف ايا كان مصدرها ومهما كانت غايتها ووسائلها، والتعاون التام مع كل الجهود الاقليمية والدولية الرامية لتحقيق ذلك.

هذه المصداقية تم استثمارها بشكل واضح منذ بداية العدوان الاسرائيلي على غزة وحتى الان حيث نشطت الدبلوماسية الاردنية بقيادة جلالة الملك من خلال اللقاءات المتنوعة وفي مختلف الاتجاهات الفاعلية دوليا لوقف العدوان الاسرائيلي وكبح جماح الحكومة الاسرائيلية المتطرفة لعدم جر المنطقة الى صراع اقليمي قد تكون نتائجة مدمرة على الاقليم برمته مع ما يتبع ذلك من تطورات سلبية قد تمتد اثارها الكارثية الى مناطق اخرى في العالم،

النتائج التي حققتها الجهود الملكية كانت مثمرة ومنتجة بشكل ملحوظ ولا يمكن لعاقل ان ينكرها ومن اهمها احداث تغييرات مهمة في الخطاب السياسي للقوى الدولية الفاعلة وتخفيف حدة الاندفاع الغربي خلف السردية الاسرائيلية ذات الاتجاه الواحد وتوضيح مدى خطورة تبني هذه الرواية واغفال وجهة النظر الاخرى التي تروي معاناة الشعب الفلسطيني الذي يرزح تحت نير الاحتلال وما ارتكبه من جرائم وقتل وتدمير وتغيير في النواحي الجغرافية والديموغرافية والاعتداءات الشنيعة التي التي اقدم عليها الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني الاعزل عبر هذه السنين الطوال، ونتيجة لذلك بدأت معظم القوى الدولية الفاعلة تاخذ منحى مختلفا في نظرتها لما يحدث في غزة والضفة الغربية بل والمطالبة بضرورة وقف هذه الحرب ووقف كل اشكال الجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال ومتطرفوها من المستوطنين ضد الشعب الفلسطيني وكذلك وقف الاعتداءات الاستفزارية المتكررة على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس، والايمان بضرورة بذل المزيد من الجهد الدولي المشترك لمنع تفاقم هذه الحزب وامتدادها لتشمل مناطق ودولا اخرى في المنطقة.

تثبت الاحداث والتطورات صدق الرؤية الاردنية وثبات الموقف على الحق ومعه حيث كان فلن تنعم المنطقة بالسلام ولا الازدهار ما لم يتم كبح جماح تطرف الحكومة الاسرائيلية ومنع ارتهان المنطقة لاحلامها غير الواقعة وغير المنطقية وما لم ينل الشعب الفلسطيني كامل حقوقه المشروعة ونيل حريته واقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني.