مبدأ سيادة الدول على أراضيها والحق بالدفاع عن النفس من الحقوق الأساسية التي نصت عليها جميع دساتير الدول وكذلك المواثيق والقوانين الدولية وعلى راسها ميثاق الأمم المتحدة وهي حقوق قانونية وأخلاقية ثابته لا تتجزأ ولا يتم المساومة عليها ويحق لجميع الدول الدفاع عن نفسها في حالة تعرضها لاي تهديد أو اعتداء داخلي أو خارجي.
نعلم جميعا أن الموقع الجغرافي الحساس للأردن بجوار الكيان الإسرائيلي المحتل المحاط بدول تعيش حالة من الاضطراب والنزاعات الداخلية ولديها تحالفات سياسية وعسكرية خارجية جعلها تدور في فلك ما يسمى بمحور (المقاومة) التابع لإيران التي تتمتع بنفوذ كبير في تلك الدول، وكما نعلم دخل هذا المحورفي العقود الاخيرة في مواجهات مع الكيان الإسرائيلي أقل ما يمكن القول عليه أنه نزاع نفوذ وليس نزاع وجود، كان سبباً في مواجهات عديدة أدت الى قيام (إسرائيل) بارتكاب جرائم قصف وتدمير واغتيال لشخصيات عسكرية إيرانية وعربية مهمة تابعة لما يسمى لمحور المقاومة، وازدات حدة هذا المواجهات بعد اغتيال رئيس حركة حماس هنية في إيران والذي اعتبر من قبل الإيرانين تجاوزا للخطوط الحمراء دفعها للاعلان عن نيتها بالرد على إسرائيل كما فعلت سابقا عندما ردت بالقصف الصاروخي من إيران و الدول المجاورة التي لديها بها نفوذ ردا على قصف (إسرئيل) القنصلية الإيرانية في سوريا وقتل مجموعة من الضباط الإيرانيين داخلها.
بعيدا عن المزاودات العاطفية والتشكيك والدعاية المغرضة التي تطلقها بعض الدول والحملات المسمومة على مواقع الإعلام والتواصل الإجتماعي، لقد مارس الأردن باسقاط الصواريخ التي عبرت الأجواء الأردنية حقه السيادي المشروع بأن لا تكون أراضيه مكان أو وسيلة للنزاع دون أن ينتقص ذلك من مواقفنا الثابتة اتجاه قضيتنا الاولى الرافضة لجميع الجرائم التي ترتكبها (إسرائيل) في غزة، الا أن ذلك لا يبرر ومهما كانت الاسباب أنتهاك سيادة أراضيه من قبل أي دولة وقد اعلن ذلك مسبقا وبشكل صريح لجميع الاطراف.
أدى الفشل العسكري والسياسية لحكومة (النتن ياهو) اليمنية المتطرفة في غزة الى سعيها لتعطيل المفاوضات لمنع أي حل سياسي واستمرار الحرب دفعها الى ما يسمى الهروب الى الامام بسلسلة من عمليات القصف والتدمير والاغتيلات ضد إيران وحلفائها بالمنطقة بهدف توسيع دائرة الصراع وجرالمنطقة الى حرب إقليمية اجبرت فيها حلفاءها الغربيين والولايات المتحدة لتحريك اساطيلها الى المنطقة لاسيما بعد التهديدات الإيرانية بالرد على اغتيال إسماعيل هنية رئيس حماس، دفع الأردن الذي يقع في عين العاصفة للتحرك السياسي للاعلان عن موقف الثابت الرافض أن تكون الأجواء والأراضي الأردنية مكان لهذا النزاع من جميع الاطراف موضحاً مخاطر توسع النزاع إقليميا على المنطقة، مؤكدة أن ذلك لا يعني باي شكل من الاشكال تواطؤ أو حماية للكيان الإسرائيلي ولكنه تعبير عن موقف ثابت وعقلاني بعيدا عن العواطف، فمن يلعب بغير أرضه وبغيره ليس بخسران، اما نحن وفي ظل هذا التشرذم العربي نرفض لأي كان أن يلعب بأرضنا فالمجرب لا يجرب فالمخاطر على أمننا القومي مازالت موجودة، فاليمين المتطرف الإسرائيلي ما زال ينظر الينا بعين الغدر (الوطن البديل) ومازال مشروع (صفقة القرن) قائماً، وما زلنا نعاني إقتصاديا جراء الحروب السابقة ناهيك عن موجات اللاجئين التي اثقلت كاهلنا إقتصاديا وسياسيا، فنحن غير معنيين بالتصعيد بحرب إقليمية لا تبقي ولاتذر، فالحروب العبثية انتحار نتائجها لا تحمد عقباه.
أستاذ القانون الدولي العام