من الواضح أنَّ الحراك الحزبي في الأردن بات يمتلك زخماً كبيراً، وأصبحنا نشهد عملاً منظماً داخل الأحزاب السياسية الأردنية، حيث تشكلت لدى معظمها لجان عمل مختلفة، نتج عنها اقتراح سياسات وبرامج في كافة مجالات الشأن العام؛ السياسي، والأجتماعي، والاقتصادي. ومن الواضح الدور المحوري للشباب والمرأة في إدارة وتطوير العمل الحزبي. ويتداول الأردنيون اليوم بكثافة أسماء أحزاب وقيادات حزبية، والأهم أننا نلحظ تصريح العديد من المواطنين بانتمائهم لهذا الحزب أو ذاك، وهذا دليل على تغير أتجاهات الأردنين نحو الأحزاب والعمل الحزبي.
وبعد أن فرغت معظم الأحزاب من تشكيل اللجان، وعقد اللقاءت مع المناصرين وإطلاعهم على برامجها وسياساتها، تستعد الأحزاب اليوم لخوض الانتخابات النيابية المقررة في العاشر من أيلول القادم، وقد تكون الانتخابات القادمة هي التجربة الأولى للعديد من هذه الأحزاب، الشيء الذي يشكل شارة البدء للإنطلاق في سباق العملية السياسية وإثبات القدرة على المواصلة والنجاح.
الانتخابات هي ماكينة أختبار القوة للأحزاب السياسية، فبعد عبورها العملية الإنتخابية تتراجع بعض الأحزاب وتصاب بالوهن، في حين يصمد البعض الآخر ويزداد قوة، كما تفشل وتتفكك أحزاب قبل البدء في خوض الانتخابات البرلمانية نتيجة الخلافات والتباينات التي تظهر بسبب متطلبات المشاركة في العملية الانتخابية، لذلك ينتظر الكثير من المواطنين هنا في الأردن إنتهاء موسم الإنتخابات للحكم على أي الأحزاب السياسية الأردنية أكثر قوة وقدرة على المشاركة السياسية الحقيقية، وأخذ زمام المبادرة في إدارة الدولة، وتقديم حلول فاعلة للتحديات الكبيرة التي تواجه الأردنيين وفي مقدمتها الفقر، والبطالة.
وقد بدأت تظهر مؤخرا لدى العديد من الأحزاب السياسية سياسات وممارسات للتعامل مع ملف الانتخابات البرلمانية، ومحاولة تصويب مفاهيم وتصورات سلبية شائعة لدى الأردنيين حيال الأحزاب السياسية والهدف من نشوها، حيث يتداول الأردنيون في الغالب أن الأحزاب السياسية الأردنية هي أحزاب أشخاص، وليست أحزاب برامج، وفي هذا الشأن عمدت اللجان المختصة في كل حزب بإعداد القائمة الوطنية للحزب للمشاركة في الأنتخابات السياسية بوضع أسماء قيادات الحزب في المراتب الأخيرة، حيث تنعدم فرص كسب مقاعد في المجلس القادم، كما لم ترد أسماء بعض القيادات الحزبية في القائمة أصلاً، لتدلل للمواطنين والمناصرين أن الحزب هو الأولوية وليس الأشخاص، ورغم ذلك تراهن معظم الأحزاب على قوة وحضور بعض مرشحيها في القائمة الوطنية، وفي ذات الوقت تراهن بعض الأحزاب على وعي المواطن الأردني من خلال طرح برامج عمل منطقية يصوت من أجلها الأردنيون لهذا الحزب أو ذاك.
لن تنجح الأحزاب السياسية الأردنية في الوصول إلى البرلمان وتشكيل حكومات برلمانية أو معارضة وطنية حقيقية دون الإتكاء على قيم العمل الحزبي الصادق والمخلص الذي يضع مصلحة الوطن صوب عينيه، ويهدف للوصول إلى حياة سياسية صحية، وفي ذات الوقت سرعان ما ستنهار الأحزاب التي تغيب قيم التعاون، والإيثار، والعمل الجماعي بإخلاص وبنوايا صادقة.