قبل فترة زمنية قصيرة دعانا مجموعة من أصدقاء الدراسة في مدرسة ضرار بن الأزور (جبل اللويبدة) في منزله الجديد في «أم البساتين» وكأنه كان يودعنا، وها هو سمير حمدي قاسم نصار (أبو بيهس) ابن الأردن البار ومن عمل في القطاع التجاري الخاص، ينتقل للرفيق الأعلى بعد معاناة من المرض مخلفا سيرة عطرة من أسلوب التعامل والقرب من الله والدين الحنيف.
عهدته جار الرضا والطفولة في جبل اللويبدة وزميلا في مدرسة ضرار بن الأزور، غبنا عن بعض فترة إلى أن تكرم علينا زميل بإنشاء مجموعة على الواتس للتواصل ومعرفة أخبار بعض والاجتماع من فترة لأخرى في بيت أو مكان عام.
لعل ما يميز صحبة الصبا والدراسة وشق طريق المستقبل، هو البعد عن أي مصلحة سوى العودة كما كنا مجموعة أصدقاء تجمعهم الطموحات والمنافسة الشريفة للتفوق ومواصلة التحصيل العلمي في الجامعة وهذا ما كان لمعظمنا حيث التقينا في رحاب الجامعة الأردنية وفي كليات وتخصصات منوعة.
فراق سمير شكل لمجموعتنا وأهله صدمة؛ كان المبتسم الهادي وصاحب المواقف والصبور عبر محطات الحياة قبل أن يستريح قليلا ويغادر الدار الدنيا إلى الآخرة، اجتمعنا عند مقبرة السماك بعيدا قليلا عن عمّان لنواري الصديق الثرى ونتدبر في فلسفة الحياة وندعو للتدبر في مسيرتنا ونسأل الرحمة لفقيدنا سمير والذي أشعرنا بموعد الرحيل حين أمنا في بيته في «أم البساتين» وعندما قال: «ترى هاي أخر مرة».
رفقتنا كجيل الستينيات تعني قصة من حلم وطمح وفكر وثابر وكون ذاته وتزوج وامتدت ذريته للأحفاد وتوصية خاصة لهم بالمحافظة على دينهم والتزامهم وحسن معاملتهم مع الناس وذلك ما عهدناه في سمير وابتسامته ذات المعنى وتعليقه على بعض المواقف.
نحن جيل من مشى إلى المدرسة وبقية حكاية عمّانية جمعت الجيران وأولادهم للعب في الحارة بأدب واحترام والتزام فريد والتعرف عن قرب والصداقة والوفاء لمعنى الجيرة تلك التي جمعتنا مع سمير يبدأ نهاره بالسعي والنشاط والهمة والتواصل والوفاء لأصدقاء الدراسة والجيرة، ولعل مجموعة الواتس ساعدت ووثقت ذلك بما يرضي الله ومعرفة أخبار بعض ومناسباتنا السعيدة والحزينة ومتفرقات ومنوعات.
مشوار الحياة قصير وسريع نحث الخطى خلاله للحصول على ما نتمنى ونطمح وقد لا نحقق الكثير مما نرجو، ولكن وبعد نفض غبار المقبرة، والسير بعيدا بعد الدفن، لا بد من التدبر؛ الموت عبرة للحي وعظة له للحرص على العمل للآخرة قبل فوات الأوان.
حسبنا وقد فارقنا السمير سمير أن نعي بحق ما ينفع بعد الموت فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله تعالى عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: إ'ِذَا مَاتَ الإنْسَانُ انْقَطَعَ عنْه عَمَلُهُ إِلَّا مِن ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِن صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو له».
الفراق صعب ولكنها سنة الحياة والانتقال من دار الفناء إلى دار البقاء، رحمك الله أيها السمير سمير وأسكنك فسيح جناته وذلك خير وأبقى.
fawazyan@hotmail.co.uk