خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

رحلة الملك مع الإصلاح ورحلتنا مع الديمقراطية

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
سامح المحاريق

لم يبدأ الإصلاح السياسي في الأردن مع تشكيل اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية ولا تمثل مخرجاتها حدوده النهائية، هذه نقطة يجب أن تبقى حاضرة بشكل واضح، ولكنها بدأت في وقت مبكر نسبيًا، ومنذ أن وضعت أمام الملك عبد الله الثاني أوراق أول حكومة تتشكل في عهده، حكومة عبد الرؤوف الروابدة في 4 أذار 1999، وحتى حكومة الدكتور معروف البخيت مع نهاية سنة 2005، كانت جميع الحكومات تأتي من ظلال مرحلة المغفور له الملك الحسين بن طلال.

قبل أن نستأنف القراءة في مسيرة ربع قرن من رحلة تقدم فيها الإصلاح السياسي لرأس الأولويات، وتراجع أحيانًا حتى تصور كثيرون أن شيئًا لن يتغير، يوجد مثل من الضروري التأمل فيه، فمن تعلم قيادة السيارات عند أحد المكاتب المرخصة، يعرف أن سيارة التدريب تشمل دواسات البنزين والفرامل والكلتش (قابض السرعات) عند المدرب والمتدرب سويةً، أما الذين تعلموا القيادة خارج المكاتب المعتمدة، فإنهم كانوا يجلسون بجانب شخص يضع يده بالقرب من الهاندبريك (الفرامل اليدوية)، ويتدخل من وقت إلى آخر بلمسة بسيطة على مقود السيارة لتصحيح مسارها.

المسألة ليست في تقييم الإصلاح السياسي في مرحلة الملك الحسين، والتفاعلات التي دفعته ليمضي في الإصلاح ليشكل حكومة حزبية منتخبة في 1956 وحلها بعد أشهر قليلة، ففي تلك المرحلة كانت الكثير من العوامل تؤثر في المنظومة السياسية الأردنية، وكان الكثير من سياسيي الأردن يطربون لإذاعة صوت العرب ومقولاتها، وفي سوريا كان الفعل السياسي يتلخص في الطرف الذي يستيقظ مبكرًا ليستولي على الإذاعة ليقرأ البيان الأول، وفي العراق كان قد بدأ الصراع الدموي بين الشيوعيين والبعثيين، وفي الخامس من حزيران 1967 ومتأخرًا جدًا ظهرت صوابية قرار الملك الحسين الذي تحول إلى حليف لمصر وعبد الناصر لمحاولة ترتيب الوضع العربي بعد الهزيمة المريعة.

يحاول بعض السياسيين في أحاديثهم أن ينسبوا لأنفسهم أدوارًا كبيرة في عهد الملك الحسين، وبعضهم كان يمتلك حظوة لدى سوريا أو العراق بتأثيرهما الممتد بعد خروج مصر من المشهد في حقبة الرئيس السادات، ولكنهم في الحقيقة كانوا مجرد موظفين لأن الشخص الذي يمتلك الأوراق الكاملة كان الملك، فهو الشخصية المقبولة من جميع الأطراف العربية، ويمكن أن نقول أن الحسين كان شخصية محورية في معظم القمم العربية من الخرطوم 1967 إلى القاهرة 1990.

لسوء الحظ، تزامنت حكومة سليمان النابلسي مع تفاعلات حرب 1956 وصعود الناصرية المندفعة بأخطائها اللاحقة في سوريا واليمن، وتزامنت الإنفراجة الديمقراطية 1989 مع حرب الخليج الثانية، والتفاصيل متعددة ومتداخلة.

التركة السياسية كانت ثقيلة إلى حد بعيد، وكان ظهور الملك عبد الله الثاني في تلك المرحلة مسألة إيجابية للأردن لأن طبيعة حياته السابقة على استعادته لموقع ولاية العهد منحه هامشًا واسعًا للتحرك من أجل صيانة الأوضاع مع مختلف الدول العربية على إثر ارتدادات أزمة حرب الخليج الثانية، ولكن لم يكن الوضع كذلك في الأردن على المستوى الداخلي لوجود معادلات مستقرة من المحاصصات والأدوات الخطابية.

يمكن التأريخ لبداية فكرة طرح الإصلاح السياسي عمليًا مع حكومة البخيت الأولى، وحديث الملك على هامش مؤتمر دافوس 2005 عن الملكية الدستورية، وهي السنة التي بدأت تظهر فكرة قوى الشد العكسي وتأثيرها في إطار تشبث طبيعي بالمواقع التي حازتها في مراحل سابقة وفقًا لشروط مختلفة، وكانت الأجندة الوطنية التي صدرت في فترة مقاربة موضوعًا للتراشق ليبدأ ظهور معسكرين واضحين الأول، البيروقراط المعتاد على المرحلة السابقة والممسك بكثير من الأوراق تتمثل في متاهات من القوانين والأنظمة والتعليمات، والليبراليون، الذين يحملون طموحات كثيرة لقيادة مرحلة جديدة، وكان الوضع مربكًا وغير منتج على أية حال، فالبيروقراطيون ينتمون بوضوح إلى عصر مضى لا يمكن أن تستمر شروطه سائدةً على الواقع المتغير من المدونات إلى الفيسبوك التي تلتهم اهتمامات جيل جديد من الشباب، والليبراليون في المقابل لا يدركون مدى عمق الهوة التي تفصل بين العروض التقديمية (البريزنتيشن) وأرض الواقع.

مع التعديلات الدستورية التي وضعت تعيين وإقالة رؤساء الأجهزة الأمنية قراراً منفردًا للملك، كان ذلك يعني الإبقاء على الفرامل اليدوية، ولم يكن لأي طرف الرغبة في مزاحمة رؤساء الوزراء في صلاحية اختيار حكوماتهم، وكان الدكتور عمر الرزاز مثالًا على ذلك، بتمسكه بتشكيلة حكومته الأولى التي كانت أكثر حكومة استغرقت وقتًا لتعلن قائمتها النهائية، وأصر في تلك المرحلة على تمسكه بالولاية العامة لتمرير خياراته، والمفارقة، أن الأزمات التي حدثت دفعته في مرحلة لاحقة من المناورة حول مسألة الولاية، ويبدو أن هذه المسألة تحديدًا، أي الولاية بشكل عام، كانت سببًا في الدفع بالإصلاح السياسي بصورة متسارعة في السنوات الأخيرة.

لتلخيص السيرورة المتعلقة بالإصلاح، بدأ الملك من تركة المرحلة السابقة، في وقت لم يكن ثمة بدائل أخرى، ومع مباشرة عملية التغيير التدريجي كان الصراع بين أجنحة متنافسة يتصاعد، مع حالة من السلبية في الروافع التقليدية للخروج بوجوه سياسية جديدة، سواء من النقابات أو الأحزاب القائمة آنذاك، وربما يتذكر المتابعون أو بعضهم أن الأردن كان يضم حزبين شيوعيين (الشيوعي والشغيلة) في دلالة على عدم القدرة على بناء التراكم والميل إلى التفتت، وبالتالي، تغيب حالة الإجماع على شخصيات جديدة، وفرض حيز ضيق للخيارات يتمثل بين الخيارات الآمنة من البيروقراطيين أو التكنوقراط وكلاهما تنفيذيون وغير رؤيويون بأية حال.

بادر الملك في مرحلة أخرى إلى طرح الأوراق النقاشية، والتي كان يفترض من مسماها على الأقل أن تخلق حالة من النقاش، ولكن ما حدث هو إضاعة المحتوى الكبير الذي احتوته في عناوين تحمل رائحة المجاملة، وكأن الأوراق النقاشية تمثل توجهًا على الجميع انتهاجه والسعي وراءه، وهذا تحديدًا ما لم يكن الملك يريده، فالأوراق كان يفترض أن تكون أرضية للتفكير والمفاوضة، وإلا ما أسميت (نقاشية)، وكان كافيًا أن تسمى بالأوراق التوجيهية.

بدأت لجنة تحديث المنظومة السياسية أعمالها، وخرجت بتوصيات تحولت إلى قوانين حركت أوضاعًا جديدةً، ويفترض أن تكون الانتخابات القادمة الإجابة على السؤال الكبير الذي يجوب العالم العربي من المحيط إلى الخليج، هل نحن أهل للديمقراطية، أو هل نحن جاهزون فعلًا لتحقيقها؟

بالمناسبة، تحدث الدكتور معروف البخيت عن الإصلاح مع بداية الربيع العربي، وكان يقدر مسارًا يحتاج إلى عشرين عامًا لإنجازه، وأثيرت وقتها أحاديث كثيرة حول التقدير الذي رآه الكثيرون بعيدًا، ولكن الحقيقة، أن العام 2031 سيشهد انتصاف المجلس النيابي الثاني بعد مخرجات التحديث السياسي، بحصة حزبية أكبر، وسيكون الأردن قريبًا من إطلاق حكومة حزبية منتخبة بالكامل، وربما نستطيع أن نقدم إجابة على المستوى العربي أننا بالفعل مؤهلون ومستحقون للديمقراطية، والديمقراطية حديث آخر له تفاصيله.

محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF