عشنا في جبل اللويبدة قرابة الخمسة عقود إلى أن انتقلنا خارجها، ولكن بقيت الصلة مع جيران الرضا وزيارتها مستمرة والتجوال في رحابها من أغلى الأوقات والتمتع مع ذكرياتنا فيها وإلقاء التحية على روادها ممن ظلوا في اللويبدة بكل مودة واحترام.
قبل فترة قصيرة زرتها مفعما بالشوق، ولكن شكوى مريرة من الجيران فيها وخصوصا قرب دوار حاووز اللويبدة والمطل، كانت موجعة من تصرفات مشينة وغريبة ممن يأتون من خارج اللويبدة، ويعيثون فسادا وقلقا لاهلها ويعتدون على حرمتها وبعض المباني الخالية من سكانها ويقومون بأفعال وحركات مخلة بالحياء العام وللأسف تصدر عن شباب وبنات قصر يحتار أهل اللويبدة من أسلوب التعامل معهم.
تذكرت تلك الأيام الخوالي والتي كانت اللويبدة بكل مساحتها حيا راقيا وهادئا وأسريا يتبادل الجيران فيه ويقتسمون نسيم الياسمين وعراقة المكان والسير في طرقاته بأمن وسلام ووقار وأناقة وهدوء.
تطورت بعض المواقع في اللويبدة وتحولت العديد من المحال فيها إلى » مقاه، مطاعم، نواد، فنادق»، وهناك بعض الشقق فيها تم استثمارها للسياح الأجانب والذين يروق لهم جو اللويبدة.
ولكن وللأسف ومع ما يحدث وخصوصا مع ساعات المساء والليل، وتصرفات تلك الفئات غير المحترمة والمقلقة لراحة وأمن أهل اللويبدة، وأصحاب المحال الحيوية فيها ومعالمها العريقة، لا بد من تحرك ومعالجة فورية لما يحدث.
أمنيات ومطالب عديدة يرجوها أهل اللويبدة من أجهزتنا الأمنية وتخصيص مركز أمني فيها مثل السابق وتعاون أمانة عمّان لعدم ترخيص المزيد من المرافق والتي أضرت وشوهت منظر اللويبدة الجمالي، إضافة لإشراك المجتمع المحلي في اللويبدة في القرارات المتخذة والحفاظ على المباني القديمة فيها ومراجعة الوضع الحالي بكل حرص والاستماع لشكاوى أهلها وسكانها والتي أصبحت نسبة لا بأس بها من الأجانب وبعض المصالح الأخرى فيها.
لست ضد الخطوات لتطوير اللويبدة والاستفادة من طابعها السياحي، ولكن يجب الانتباه للثغرات والخلل فيها ومعالجته بالشكل المناسب والقانوني وضمن منطقة الاختصاص الأمني ومكافحة ما يلزم من تعد صارخ على الأملاك العامة والخاصة، ولا بد من السؤال عن أهل تلك الفئات المستهترة وخصوصا أنها ما تزال قاصرة ومكانها يجب أن يكون البيت لا الشارع، ثمة خللا إجتماعيا يحدث، ينبغي من المهتمين متابعة مضمون ذلك بحرص والمساهمة في توجيه وإرشاد تلك الفئة وأهاليهم من عاقبة ما يقومون به وتوفير سبل التعافي.
وضع مؤسف ومقلق أن تتحول بعض معالم اللويبدة إلى فوضى بعد أن كانت مثالا يحتذى به بالهدوء والرقي والعراقة والأصالة والحضارة، ولعل كل من عاش وما يزال في اللويبدة لا يرضى أبدا عن ذلك ويطالب بتدخل ومعالجة جذرية لإعادة هيبة اللويبدة إلى ما كانت عليه وذلك ليس بالصعب على من يعرف اللويبدة بحق ويستطيع أن يفعل شيئا من أجلها وأهلها وسكانها، حفاظا عليها من الاعتداء البشع.
تحركت دوريات النجدة ولاحقت مجموعة من المشبوهين والذين تصرفوا في اللويبدة بشكل غير لائق ومخز، فالشكر والتقدير للأجهزة الأمنية على تدخلها ومعالجتها السريعة لشكاوى اللويبدة، ولكن المطلوب هو حل جذري وتعاون من الجهات المعنية وبشكل يمنع تكرار ذلك الأذى البشع ويقع في منطقة كانت هادئة وراقية، وأرجو أن تعود وتبقى كذلك دوما.
fawazyan@hotmail.co.uk