كتاب

الأطماع الإسرائيلية

بوضوح ووقاحة تعلن وعلى الدوام دوائر صنع القرار الإسرائيلي عن الأطماع الخاصة بها للتوسع على حساب الآخرين، تبدأ من الأقصى وتمتد لتشمل إسرائيل الكبرى والاستهتار بكل ما تعني هذه الكلمة من معنى.

ما تبثه الوحدات المتخصصة في الكيان الإسرائيلي لإثارة الكثير من مواقف الفتنة والضعف والتشكيك، جدير بالمتابعة واليقظة والحرص على التماسك والتدبر وإحباط مقولة «الدور القادم» وقطع الطرق على المحاولات اليائسة والتي سبق تسويقها عبر صفقة القرن والترويج لاعتبار الشعوب لا تملك الإرادة القوية لتقرير مصيرها دون خوف ووصاية من أحد.

ثمة من يروج للأطماع الإسرائيلية ويحاول جاهدا النيل من المقدرات والثوابت التي تميز الأردن على سبيل المثال والنموذج وتركز على بعض الثغرات هنا وهناك وتفكر بسوء وحقد وشر على المعنوية والإنجاز.

لمواجهة ما تخفيه وتظهره الأطماع الإسرائيلية وعبر وسائلها ووحداتها المتخصصة، لا بد من التفكير مليا وجيدا قبل الانسياق وراء تلك المحاولات المشبوهة لتمرير الكثير من رسائل الحقد والكره والحرب النفسية.

خلال صفقة القرن، تم ربط الإغراء بالمشاريع والمنفعة الاقتصادية وتحريك الشعوب من نقطة إلى أخرى وكأنهم بضاعة سائغة يمكن التعامل معها بسهولة أمام المغريات، ولكن اتضح جليا أن الكثير من الافتراضات لم تكن في صالح التسارع نحو الانغماس في النمو الاقتصادي على حساب تطلع الشعوب للحرية والكرامة ومنها الشعب الفلسطيني. النموذج الأردني ومنذ تأسيس الدولة الأردنية قادر على الصمود في وجه التحديات وموجات التشكيك والمؤامرة وفرض معادلات عليه؛ أثبت الأردن وشعبه وقيادته حكمته ورويته ولم تنجح العديد من المحاولات لاختراق الصف الواح? أبدا.

فصل الرواية الإسرائيلية يحاول جاهدا إثارة الكثير من المواقف تجاه العلاقات مع المملكة الأردنية الهاشمية، ولا يوجد رد أوضح من الخطاب الرسمي ومن خلال وزير الخارجية وشؤون المغتربين ومنذ السابع من أكتوبر وحتى الآن وفي جميع المواقع والمناسبات والمستويات ولغة الرد التي تراوحت بين الشدة والرفض والانتقاد وأبلغ درجات المسؤولية تجاه الشقاء في فلسطين وغزة وغزة والمطالبة بوقف إطلاق النار والتأكيد على حماية المدنيين وتكثيف دخول المساعدات الإغاثية لغزة.

لم يتغير الخطاب الأردني يوما، ولعل من لا يطلع على مجريات الأمور الأمنية لا يستطيع الحكم والتصرف؛ الأمن الخاص بالدولة الأردنية ليس اجتهادا ورأيا شخصيا، هو سياسة ونهج تديره أجهزة واعية ومؤهلة وقادرة على ضبط الأمور والتدخل في الوقت المناسب.

التعامل مع الأطماع الإسرائيلية شأن أردني يقرره الأردن بطريقته وأسلوبه وسياسته لاحتواء كل الألغام التي تزرعها إسرائيل في درب ليس سهلا على من يدرك الفرق بين الحقيقة والثبات من جهة وبين الخوف والاستسلام من جهة أخرى.

المؤسف ومن تدفق المعلومات عبر وسائل التواصل هو تمرير العديد من الأطماع الشريرة وعدم الانتباه إلى مضمون ذلك، بل إعادة توجيه إرسالها مرات كثيرة والاقتناع بفحوى ما تريد الوصول إليه.

حماية الأردن من الأطماع الإسرائيلية يكون بالكثير من الوعي التام بما يحاك للقضية الفلسطينية؛ استقرار الأردن يعني بدون مبالغة وشك دعم ومساندة للشعب الفلسطيني ومشروعه للاستقلال التام في ظلال دولة عاصمتها القدس الشريف.

جهد الأردن جليا وواضحا في مواجهة الأطماع الإسرائيلية والتي عبر عنها من خلال مواقفه والثمن الذي تحمله لقاء تلك المواقف دون حساب للربح والخسارة ؛ بقي الأردن صمام الأمان في جميع المحاولات الرامية لإضعاف جبهته الداخلية والخارجية، ولكن بهمه رجاله الأوفياء سوف تفشل تلك المحاولات برعاية وحفظ المولى وعنايته ولطفه وعونه، وسوف يظل ويبقى الأردن شوكة في وجه تلك الأطماع تؤرقها دون هوادة.

fawazyan@hotmail.co.uk