كتاب

موقف ملكي ثابت من العدوان الإسرائيلي على غزة والأردن سيبقى قبساً من نور

يستمر العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، مع اقتراب نهاية الشهر الخامس من العدوان، وفي ذات الوقت تستمر الجهود الرسمية الأردنية لوقف العدوان، والوصول إلى حل نهائي يتمثل بحل الدولتين، الذي بات هو الحل الوحيد المطروح على جميع الأطراف الإقليمية والدولية.

هذا الحل الذي نادى به الأردن منذ سنوات ولم يحد عنه، وكان جلالة الملك عبدالله الثاني يتبناه في كل خطاب له حول القضية الفلسطينية، رغم تغاضي جميع الأطراف الفاعلة عنه، ومحاولة إسقاطه من الخيارات التي تتعاطى مع الملف الفلسطيني.

خلال الحرب الإسرائيلية على غزة، كان الأردن واضحاً في موقفه منذ اللحظة الأولى، حيث اعتبر أن ما تقوم به إسرائيل عدوانا ترتكب من خلاله جرائم حرب بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، ويجب وقف العدوان وقفاً تاماً والعمل على الوصول لحل الدولتين بصورة تضمن للفلسطينيين العيش بدولتهم على حدود الرابع من حزيران، دولة فلسطينية مكونة من الضفة الغربية وقطاع غزة، قابلة للحياة والاستمرار.

وقام جلالة الملك بجولتين دوليتين، الأولى في الأسبوع الأول من الحرب، حيث زار مجموعة من الدول الأوروبية، واستطاع توضيح وجهة النظر الأردنية، بصورة ساعدت على إعادة تشكيل الرؤية الغربية لطبيعة الصراع القائم، وإدراك المصالح الفلسطينية، وبدأ منذ ذلك الوقت الحديث الدولي عن حل الدولتين كحل وحيد للقضية الفلسطينية.

أما الجولة الثانية التي بدأت من الولايات المتحدة وكندا ومن ثم الدول الأوروبية المؤثرة، فقد جاءت بعد جلسات محكمة العدل الدولية، وأكد جلالة الملك عبدالله الثاني في العلن، ومن حديقة البيت الأبيض، موقف الأردن الثابت الذي يرفض العدوان الإسرائيلي وضرورة الوقف الفوري للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وضرورة إدخال المساعدات الإنسانية الإغاثية والطبية بصورة عاجلة إلى قطاع غزة، وضرورة العمل الدولي للوصول إلى حل الدولتين.

وهو ما أكده جلالته خلال جولته الأوروبية أيضاً، بحيث ترسخت القناعة الدولية بأن الحل الوحيد للقضية الفلسطينية، ليس تهجير الفلسطينيين، كما تهدف إسرائيل، بل حصول الفلسطينيين على دولتهم، وإلا فإن المنطقة ستبقى غير مستقرة، بصورة تؤثر على الإقليم والعالم.

ولم يكتفِ الأردن بالخطاب والكلام، بل أرسل مستشفى ميدانياً ثانياً لقطاع غزة، وما زال هذا المستشفى ملجأ لكل مصاب أو مريض من قطاع غزة، حيث استطاع الأردن القيام بعدد من الإنزالات الجوية لضمان استمرار عمل المستشفى الأردني الميداني، وشارك جلالة الملك بعملية إنزال قبيل سفره إلى واشنطن، كرسالة واضحة أين يصطف الأردن وما هو موقفه الذي لا يحيد عنه.

كما كان سمو ولي العهد، الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، أول من وقف في منطقة العريش المصرية من الرسميين العرب، بهدف إدخال المساعدات إلى أهل غزة، وتلته الأميرة سلمى لتشارك بعملية إنزال للمساعدات الطبية في قطاع غزة.

مصداقية الأردن في إيصال المساعدات لأهل غزة دفعت العديد من الجهات والدول إلى إرسال مساعداتها لغزة إلى الأردن، كي تضمن وصول هذه المساعدات إلى أهل غزة.

ولم تقتصر آثار التحرك الأردني على الدول المختلفة، بل إن أهل غزة وجهوا نداء للأردن دون غيره من الدول العربية او الإسلامية كي يقوم بإرسال المساعدات الغذائية، وذلك يُظهر ثقتهم بالأردن وبمواقفه المناصرة لفلسطين ولأهل غزة في نكبتهم.

وعلى المستوى القانوني قام الأردن بتقديم مرافعة شفهية أمام محكمة العدل الدولية حول العدوان الإسرائيلي على غزة، وأوضح موقفه الثابت من العدوان، ومن مقاربته القانونية الدولية لهذا العدوان.

ورغم كثافة دخان الحرب الإسرائيلية على غزة، إلا أن الأردن لم تحد عينه عن القدس، وحذر جلالة الملك عبدالله الثاني من تصاعد الوضع في الضفة الغربية، وما يمكن أن يقود إلى انفجار الحالة الفلسطينية في الضفة الغربية، وما زال الأردن يعمل بكثافة مع جميع الأطراف الدولية الفاعلة لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة والضفة الغربية قبل بداية شهر رمضان الفضيل.

ورغم كل هذه الجهود والعمل المستمر الحقيقي والمؤثر الذي قام به الأردن، الذي وجد صدى على المستوى العالمي والإقليمي والفلسطيني، ما زالت طغمة ممن يستهوون الإساءة للأردن ومواقفه ينكرون على الأردن ما قام به ويعمل على تحقيقه لمصلحة القضية الفلسطينية، ويحاولون دائماً كيل التهم المعلبة التي تفوح منها رائحة الحقد على الأردن وعلى دوره المتقدم، أملاً منهم بإثارة الفتنة، التي لعن الله من يوقظها، معتقدين أنهم بذلك يحققون مصالحهم الشخصية الضيقة، فهم يغامرون بأمن وسلام وطنهم بحثاً عن شهرة أو ظهور شعبي، ولكن يبقى الأردنيون?أوعى من أن تقودهم مجموعات كاذبة مدعية، ويبقى الأردن أقوى من أي مؤامرة يحيكها الحاقدون عليه في ظلام، وسيبقى الأردن قبساً من نور، وهم - تبت أيديهم - حاملو الحطب.