أصدرت محكمة العدل الدولية في مدينة «لاهاي» حكماً ابتدائياً وتدابير طارئة بحق إسرائيل في الدعوى القضائية التي رفعتها جنوب إفريقيا متهمة إسرائيل بانتهاك اتفاقية الأمم المتحدة بشأن الإبادة الجماعية.
وتضمن الحكم اتخاذ جميع التدابير لمنع أي أعمال يمكن اعتبارها إبادة جماعية، وضمان عدم قيام الجيش الإسرائيلي بأي أعمال إبادة، ومنع ومعاقبة أي تصريحات أو تعليقات عامة يمكن أن تحرض على ارتكاب إبادة جماعية في غزة، كذلك اتخاذ جميع الإجراءات لضمان وصول المساعدات الإنسانية، وعدم التخلص من أي دليل يمكن أن يستخدم في القضية المرفوعة ضدها، تقديم تقرير للمحكمة خلال شهر بمدى تطبيقها لهذه التدابير والأحكام.
ورحبت الأردن بالقرار التاريخي الذي أصدرته المحكمة، مثمنةً جهود جنوب إفريقيا، ودعمه للدعوى التي قدمتها.
وفي السياق، أكد أستاذ القانون الدولي في الجامعة الأردنية الدكتور عمر العكور، أن جنوب افريقيا تمكنت بذكاء قانوني من إثبات جميع صور «الإبادة الجماعية» وتمكنت من إثبات الاعتداءات على النساء والحوامل منهن والأطفال وعدم توافر بيئية رعائية مناسبة وآمنة رغم عدم وجود تعريف صريح ضمن مصطلح » الإبادة الجماعية» وتمكنوا من نقل صور هذه الأفعال بتوصيف قانوني دقيق.
وأضاف بأن قرار المحكمة ملزم لاسرائيل وعليها الآن أن ترفع تقريراً للمحكمة بشأن كل التدابير المؤقتة المفروضة خلال شهر، بالإضافة إلى التزامها بتجنب كل ما يتعلق بالقتل والاعتداء والتدمير بحق سكان غزة.
ونوه العكور بأنه في حال عدم التزام اسرائيل بقرار المحكمة يتم التوجه إلى مجلس الأمن ونحتاج إلى (9) أصوات من أصل (15) أعضاء مجلس الأمن، ومن ضمنهم خمس أعضاء دائمين لهم حق «الفيتو».
ويتحمل مجلس الأمن المسؤولية الرئيسية عن صون السلم والأمن الدوليين، ويضم 15 عضوا، وكل عضو لديه صوت واحد، بموجب ميثاق الأمم المتحدة، تلتزم جميع الدول الأعضاء بالإمتثال لقرارات المجلس.
وتابع العكور أن حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وحق انضمام فلسطين للمحكمة الجنائية الدولية جاءت بقرارات المجتمع الدولي، موضحاً أنه استناداً لنص المادة (9) جاء القرار التحفظي بهدف منع الضرر الواقع على سكان غزة، وتقديم المساعدات لهم، وأن النظر في الدعوى يحتاج لسنوات.
وتتولى المحكمة التي تتخذ من لاهاي في هولندا مقراً لها، الفصل طبقاً لأحكام القانون الدولي في النزاعات القانونية التي تنشأ بين الدول.
وقال المحامي الدكتور صدام أبو عزام، يعتبر القرار أول انتصار حيث ثبت للمحكمة بأن الأعمال التي تقوم بها اسرائيل تشكل إبادة جماعية، كما أقرت بحق الفلسطينيين بقطاع غزة في الحماية من أعمال الإبادة الجماعية التي تتعرض لها.
وبين أن القضاء الدولي له صفة الإلزام لكن الإشكالية تكمن في آلية تنفيذ القرارات، وقرار المحكمة جاء ضمن الاجراءات التحفظية المستعجلة التي طالبت بها جنوب افريقيا بوقف الأعمال الحربية كاملة، وجاء القرار مباشراً باتهام إسرائيل بانتهاك اتفاقية الأمم المتحدة بشأن الإبادة الجماعية.
وأوضح أبو عزام أن سيناريوهات القضاء الدولي يجب أن تبقى مفتوحة مثل المحكمة الجنائية الدولية بتحريك دعوى الحق الدولي، من خلال مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية ومن خلال الإفادات والتوثيق والصور والفيديوهات أو الشكاوى التي تقدم من الأطراف كافة.
وبيّن بأن المحكمة، وهي أكبر هيئة قضائية في منظمة الامم المتحدة، تفصل في النزاعات بين الدول الأعضاء في المنظمة الدولية قرارتها ملزمة، إلّا أن المحكمة لا تملك آلية لفرض تنفيذ تلك القرارات.
وهناك خلط متكرر بين المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية. لكن الفرق هي أن قضايا محكمة العدل الدولية تشمل دولاً، أما المحكمة الجنائية الدولية فهي محكمة جنائية تُرفع فيها قضايا ضد أفراد بتهمة ارتكاب جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية.
بالإضافة إلى هذا، فإنه في حين أن محكمة العدل الدولية هي أحد أجهزة الأمم المتحدة، فإن المحكمة الجنائية الدولية مستقلة قانوناً عن الأمم المتحدة (على الرغم من اعتمادها من قِبل الجمعية العامة).
الدول الأعضاء في الأمم المتحدة البالغ عددها 193 دولة ليست جميعها أطرافا في المحكمة الجنائية الدولية. ويجوز للمحكمة أن تمارس اختصاصها عندما يكون الشخص المدعى ارتكابه الجريمة من مواطني دولة طرف في المحكمة الجنائية الدولية أو في إقليم دولة طرف كما يجوز لدولة غير طرف أن تقرر قبول اختصاص المحكمة.