بعد مرور 82 يوماً على الحرب الإسرائيلية على غزة، يستمر غياب الأفق السياسي لحل القضية الفلسطينية، خصوصاً أن الحل العسكري فشل أكثر من مرة في تحقيق الامن والسلام، لا بل إنعكس ذلك سلباً على شعوب المنطقة لجهة المعاناة وتوسيع رقعة الصراع، وزيادة الأزمات والكوارث الإنسانية وسقوط ضحايا بعشرات الآلاف من أطراف الصراع، دون أدنى أمل بممارسة ضغوط من العواصم المؤثرة على إسرائيل من أجل إنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية.
الأردن حذر مراراً وتكراراً من تفجر الأوضاع في المنطقة على مدى السنوات الأخيرة، إنطلاقا من قراءته وتعمقه بتطورات الأوضاع في الداخل الفلسطيني، خصوصاً بعد تسلم الحكومة الحالية، وهي الأكثر تطرفاً في تاريخ دولة الإحتلال، لزمام الأمور في إسرائيل، وما تلا ذلك من استفزازات متعمدة ممثلة بإقتحامات مستمرة للمسجد الأقصى المبارك ومحاولة تغيير الوضع بالتقسيم الزماني والمكاني، والتوسع الجائر في الاستعمار الاستيطاني ومصادرة أراضي الفلسطينيين.
الأمر الذي أثار حفيظة ورفض الأهل في فلسطين، ودول المنطقة، خصوصاً الأردن الذي خاض معارك سياسية ودبلوماسية واسعة النطاق في المحافل الأممية، ابتداء من محاولة تهويد حي الشيخ جراح في القدس، والتي قدم فيها الأردن وثائق تثبت ملكية اهالي الحي لمنازلهم، وليس إنتهاء بعدم توقيع الاتفاقية الثنائية في مجال الطاقة، و مطالبة » النواب » بمراجعة إتفاقية السلام مع إسرائيل في ضوء التهديد بتهجير الفلسطينيين كون التهجير القسري إخلالاً باتفاقية السلام، كون الطرفين » اتفقا على الحفاظ على الأمن والسلم القومي لكل منهما».
كل هذه السياسات، غيّبت الحديث عن خارطة طريق لتحقيق السلام في المنطقة، وأوصلت المنطقة للصراع الدموي حالياً، والأدهى من ذلك، ما جرى من دعم علني غير مشروط من أطراف دولية لحكومة إسرائيل المتطرفة، وإستقطابات زادت الأمر تعقيداً، وغذّت التشدد والعنف بالمنطقة، وكأن العالم يريد حرباً دامية لا تبقي ولا تذر، وصولاً لواقع جديد يفرض حلاً ظالماً يهضم حقوق الشعب الفلسطيني ويصفّي قضيته وفق منطق المحتل، ومخططاته، ورؤيته لإنهاء الصراع على أساس إلغاء حقوق الشعب الفلسطيني، ومنعه من إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
لكن مجريات المعركة الدائرة حالياً في فلسطين، وصمود وبسالة الشعب الفلسطيني في الدفاع عن أرضه ومقدساته سواء في غزة أو في الضفة الغربية، والموقف العربي المساند، والرافض بقوة للمخططات الإسرائيلية، قلبت السحر على الساحر، إذ أضحت إسرائيل في عزلة تامة، وتكشفت حقيقتها الفاشية والدموية والعنصرية، ولم تفلح في تنفيذ وعودها الجوفاء بتدمير حماس عسكرياً وفكرياً، وهي الآن أقرب الى الدولة المنبوذة، بدليل ما حدث ويحدث في أروقة المحافل الأممية، عسى أن تدرك أن القوة والتطرف لا يجلبان لها الحماية والأمن المنشود، ومحاولتها الت?سع أوالتمدد على حساب الآخرين، هو ضرب من الخيال.
Imad.mansour70@gmail.com