عند شراء «رزنامة» العام الجديد 2024، نقلب أوراقها ونقفز من شهر لشهر و نتخيل أبدا سرعة مرور العام السابق بجميع أحداثه ومجريات الأمور خلال عام أخذ منا الكثير من العمر على أقل تقدير وتفاصيل عامة وخاصة أصبحت في خانة الذكريات.
تزدهر الآن دفاتر التقويم للعام الجديد كهدية وترويج وتسويق ودعاية للعديد من المؤسسات الخاصة، ويمكن بذلك استطلاع أيام العام القادم بوضوح وإدراج بعض المواعيد للشهر الأول وتثبيت المشاريع والاجتماعات المخطط لها بدقة وتنظيم وترتيب.
القفز عن الأيام من الآن قد تبدو تصرفا معقولا، ولكن القفز عن حوادث مضت ومرت في العام الفائت قد تبدو أكثر صعوبة للنسيان والمرور على لحظات لم تكن سعيدة بأي حال من الأحوال والغريب أن الجميع يتفق على ذلك بإجماع منقطع النظير؛ حجم ما يسر البال يتضاءل مع الأيام وتغيب الفرحة الحقيقية وراء الكثير والعديد من حوادث الصدمة والفراق والوداع والتعثر والإحباط.
التعرض المباشر والدائم للأيام الحزينة يؤثر على القلب ويكسر الخاطر ويولد في النفس العديد من مظاهر السلوك العصبي بمعناه النفسي الشامل ويترك لردود الفعل مجالات واسعة ويخلف مساحات من السوداوية.
أطباء النفس وتعليقاتهم على الكثير من التصرفات الشخصية والتي تعكس عدم السوية تشير إلى مظاهر السلوك العام والخاص تجاه مشاكل وتحديات الحياة ومتطلبات المعيشة المرهقة والمكلفة في آن واحد.
البطالة والفقر ورقة من «رزنامة» أيام الشباب وكذلك العنوسة وبعض المشاكل الأسرية الكثيرة الأخرى ومنها فقدان بوصلة الاتجاه وسط تحديات الحياة المعاصرة، والتعثر في المسير قدما نحو الأيام القادمة وصفحات الخيبة والأوجاع.
ما أسرع ما مرت أيام عام 2023، ولم نكن نحلم بأنها سوف تمضي دون أن نلقب ذكريات ذات بهجة وسرور طويلة الأمد وجميلة المظهر وخفيفة الوطأة وعميقة الأثر حين نرجع للورقات التي نزعناها من التقويم لنقرأ ما ثبت عليها من معلومات وعبارات وحكم ومواعظ.
ما أسرع ما نودع الأيام والسنوات وما نرقب مع ذلك مضمون الأمل ونتحمل الكثير من أجل أن تتحقق الأمنيات مزدانة بباقة ورد جميلة ومنسقة ومرتبة، وما أجملها من لحظات حين يقترب الفرح منا بعض الوقت ويساعدنا على قضاء وقت هني.
ترى ماذا تخبئ لنا أيام «الرزنامة» من حوادث وخطى ومشاريع وبرامج ومشاوير وحكايات ومشاهد وخطط ومواقف ومواجهات سوف نقلبها تباعا من وقتنا وعمرنا وتفاعلنا وردود أفعالنا وقراراتنا؟
عند بائع التقويم وفي رحاب المكتبة تتوزع العديد من الهدايا والألوان والبطاقات والأمنيات المعلقة على اللوحات وستائر المحل، يقصد الجميع شراء الأجمل منها للعام القادم والتحضير لما يسر البال ويدخل الفرح على النفوس.
القفز عن الكثير من الهموم والانتباه للتفاؤل والأمل والبحث عن مواطن القوة وتحويل ما يمكن من قلق إلى عمل وتصميم قد يفيد في شحن وتعبئة القلوب بومضات من الإيمان والصبر والمثابرة وتحقيق ما نصبو إليه ونطمح.
بداية سوف تظهر مجددا وأيام سوف تمضي، ولكننا لن نقف مكتوفي الأيدي ونتركها تتبعثر هنا وهناك، سنحاول في الأردن الحبيب العمل على رفع المعنوية والهمة ومتابعة ما يسر ويجلب البشرى.
عام جديد سوف نقلب أوراقه وينبغي أن تكون بمتعة القراءة والتدبر والتبصر والتوجه لله والابتهال بطي ورقة وأخرى من العمل الجاد والمخلص لمواصلة مسيرة البناء والتنمية بمزيد من الازدهار والتقدم واليقظة.
صفحة جديدة من عمرنا في رحاب الأردن ننظر من خلالها لفلسطين والأهل فيها ونسأل الله أن يحفظهم وإيانا آمنين مطمئنين نرفل بالصحة والعافية وراحة البال وقرارة الضمير، عام سوف ينبلج من جديد، للجميع باقات من الوفاء والتقدير والمودة بقلب نقي معافى وسليم.