خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

ذات الوجه الملائكي

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
م. فواز الحموري

حين ارتقت تلك الطفلة إلى السماء وفاضت الروح إلى بارئها، كانت لعبتها الصغيرة في حضنها، وكانت أمها بجانبها أيضا، امتد الحلم بالسعادة والحرية على أرض غزة وفلسطين، ولكن مشيئة الله، كانت الأقوى والأبهج لهما وسائر الشهداء.

وعندما استقبلت الأم ابنها الأسير، كانت تنظر إلى السماء بوجه جميل؛ فقد ودعت من قبل ابنها الشهيد بغبطة وسرور وفرح في سبيل الوطن ولم تعرف من بعد سوى النظر للسماء علها تلتحق مع جارتها وابنتها تلك التي كان وجهها منيرا مثل ملاك.

نتحدث عن نساء مجاهدات بأنفسهن وما يكون في أرحامهن فداء للوطن وتقديرا لمعنى الحياة الكريمة والتي ترافق كل ولادة بطعم الصبر والتضحية والنقاء، ليكون المخاض ويأتي النصر عزيزا مثلما هو طعم الخبز اليومي والطازج بعشق الحرية.

هي بوجه ملائكي ويشهد جميع من شاهدها بذلك؛ كانت تقطف الورد لتضعه على جثمان شقيقها الشهيد وتقطع له الوعد بأن تلحقه عما قريب وفي ذات اللحظة التي يأتي موعدها للارتقاء إلى حياة لا موت فيها أبدا.

كبرت تلك الفتاة وأصبحت أما وظل وجهها ملائكيا بمن حملت وأنجبت مع هواء الحرية وفي ظروف صعبة وارضعت الأولاد البنات حب الوطن وعلمتهم بأن قيمة الإنسان فيما يقدم وليس على ماذا يحصل من فتات لا يغنى أو يسمن من جوع الدنيا الفانية.

على مقربة من مشهد الوداع والاستقبال والذي يكون لديها صنوان، لم تبك ذات الوجه الملائكي يوما سوى حين كبرت ولم تعد تقوى على الإنجاب ثانية وعلى تحمل مصاعب الحياة وعلى الصراخ بقوة: أين أنتم أيها الرجال؟.

ذات مرّة وأكثر من العمر كان أسمها كفاح، وبعد سنوات أصبحت أم الشهداء، لا فرق عندها حين تكون كذلك وباقات التهنئة بقدوم مولود جديد وحفيد يرى النور ويخرج للدنيا مشروع شهيد ويلتحق قبل ذلك في المدرسة ويتعلم ويسجل في دفتره المدرسي: أنا حفيد تلك التي وجهها ملائكي وتدعى كفاحا.

أمام المرآة نظرت ذات الوجه الملائكي ولوحت لجميع من يشبهها في تربية الأجيال والسهر على راحة أهل البيت والاستغراق في تلبية طلبات الجميع بسعادة لا توصف سوى بنجاحهم وتجاوزهم عقبات الحياة وعبورهم الدرب وثقة وأمان.

ظلت ذات الوجه الملائكي على نفس ملامحها وإن كبرت قليلا مع الزمن ولكنها دون مساعدة «المكياج» والمساحيق حافظت على تلك النضارة والحيوية تسري في عروقها وتمنحها القوة والعزيمة والشموخ.

حين كبرت صغرت الدنيا في ظنها وفكرها وظل وجدانها يرسم جمالا على وجهها مع استقبالها الأولاد والبنات وأحفادها في بيت العائلة والتفافهم حولها وجدهم لتخاطبهم بلهجة سليمة ونبرة قوية: حافظوا على العهد والوعد أيها الأحبة.

نسيت اسمها ولقبها، ولكنها ما تزال تنسج مع صوفها وتطرز حكاية الحياة ليس في غزة وفلسطين ولكن في الأردن وجميع الانحاء من العالم حيث تعرف جيدا أن الأم لا تشيخ ولا تكبر إلا بولادة الرجال الأوفياء والزوجات المخلصات والأبناء الكرام البررة.

لم تهتم يوما بالأزياء ولكنها بقيت جميلة المظهر والجوهر؛ تطبخ وتطعم، تدبر وتقتصد وتحيك، وتضمد الجراح وتحنو على الجميع، يقصدها من لا مفر له إلى اليها بعد الله، ترصد ملامحه وهمومه وتقول له توكل على من لا يرد دعوة الداعي إذا دعاه.

وهذه المرة والآن نخاطب سيدة السيدات وجميلة الجميلات، ذات الوجه الملائكي في ثنايا الحياة: لله درك كم عانيت وصبرت وها هي يدك تلوح بعلامة النصر والنجاة وتمسحين على جبين الشهيد، تقبلينه بفخر وسعادة، وتهتفين: عاش الأحرار.

[email protected]

محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF