كتاب

ولي العهد والدعم المباشر للفلسطينيين

يأتي الاشراف الميداني المباشر لولي العهد، الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، على عملية تجهيز وإرسال المستشفى الميداني الأردني الخاص/2 لجنوبي قطاع غزة بسعة 41 سريرًا، تأكيد بالفعل لا بالقول لموقف الأردن الداعم بقوة للصمود الفلسطيني وتعزيزه وفقاً للإمكانات والقدرات المتاحة، ورفض الإعتداءات الهمجية على الشعب الفلسطيني المستمرة منذ أكثر من 45 يومأ.

وجود الأمير حسين مع رفاق السلاح من الأطباء والكوادر الطبية والإدارية في أقرب نقطة للقطاع المحاصر، دليل على الإصرار الأردني على تأمين الدعم الصحي المباشر للفلسطينيين التي تحاول إسرائيل حرمانهم من هذه الحاجة، والتي هو بأمس الحاجة، إليها من خلال تدمير المستشفيات والمراكز الصحية، لتحقيق حلمها بتفريغ القطاع من سكانه وتهجيرهم خارج فلسطين،وتصدير أزمتها لدول الجوار.

زيارة العريش، إختزلت عقود عديدة من الإصرار الأردني على استرجاع الحق لأصحابه والثبات على الموقف، مهما بلغت المغريات والضغوطات، وإيصال رسالة أن الفلسطينيين ليسوا وحدهم، ولا يمكن الإستفراد بهم، حتى وإن كان الثمن المصالح الأردنية، التي تتذرع بها العديد من الدول هذه الأيام، من خلال تقديم مصلحتها على الآخرين، حتى وإن كان شعب محاصر ومحتل وترتكب بحقه أبشع أنواع التنكيل والقمع، وأمام مرأى ومسمع العالم المتحضر الذي كان يتغنى بحقوق الانسان والمرأة والطفل وحق الشعوب في تقرير مصيرها، وهو ما لم يطبق في الحالة الفلسطينية?التي كشفت وعرّت زيف هذه الشعارات التي لن يعود لها سوق بعد كل ما حصل، ومقارنة الحالى الاوكرانية مع الحالة الفلسطينية.

الفلسطينيون اليوم بأمس الحاجة لوقفة الأشقاء العرب معهم في هذه المحنة، وقد سمع الفلسطينيون الكثير من الكلام عن الدعم، لكن على الارض لم يصل إلا القليل، وهم بحاجة الآن الى الدعم السياسي والمعنوي والصحي، من خلال المعبر الوحيد المتاح في رفح، خصوصاً وأن إسرائيل تسعى لتصفية القضية الفلسطينية، بتواطؤ غربي غير مسبوق، بجعل الحياة مستحيلة في القطاع والإيحاء بأن الفلسطينيين وحدهم هم من يواجهون هذا العدوان، بالتالي لا خيار أمامهم سوى القبول بالإملاءات والشروط الاسرائيلية، وهو ما حصل عكسه تماماً، عندما أرسل الأردن مساعد?ت رغم التهديد الاسرائيلي من خلال الانزال الجوي أكثر من مرة، وعندما أرسل أخيراً المستشفى الميداني إلى نابلس لتقديم الخدمات الصحية، وبتطوع ومشاركة المئات من الأطباء الاردنيين، والان تأتي زيارة ولي العهد لأقرب نقطة حدودية مع فلسطين من أجل تكريس ديمومة هذا الدعم والجهد الاردني الذي لم ينقطع منذ سنوات طويلة.

أيضاً، يريد الاردن إيصال رسالة الى كل الاطراف مفادها أن الاردن مستعد لبذل الغالي والنفيس وتقديم الدم الاردني/ كما كان الحال في كل الحروب/ الى جانب الدم الفلسطيني من أجل تحقيق الصمود للشعب الفلسطيني، والدفاع عن المقدسات في القدس، وأن الاردن ينطلق في دعمه من خلال دوره ورسالته ومكانته بالوصاية على المقدسات الاسلامية والمسيحية، التي تفرض عليه التحرك وفقاً لمجريات الامور، دون إذن أو إشعار من أحد، ووفقاً لما تقتضيه مصلحته الوطنية والقومية، في نصرة الشقيق أينما كان، كيف لا؟، والأردن يعتبر القضية الفلسطينية قضيته ?لمركزية الأولى، التي وصلت في بعض المراحل الى حد التهميش والإلغاء وكأنها غير موجودة، فكانت بطولات الشعب الفلسطيني والدعم الأردني اللامحدود، لتعيد القضية الى واجهة الأحداث في العالم، وتضع العالم أجمع أمام مسؤولياته، لإنهاء معاناة الشعب الذي يواجه الاحتلال منذ أكثر من 75 عاماً.

الخطوات الاردنية المتتالية في دعم وتثبيت الصمود الفلسطيني، متواصلة ولن تنقطع، ويتوقع المزيد من الخطوات مستقبلاً في ضوء تطورات الموقف على الأرض، وإرسال الحاضنات للأطفال الخدج رسالة للكيان المحتل، أن بقاء وحياة الفلسطينيين ستستمر في القطاع وفي كل فلسطين، ولن يثني قتل الأطفال والنساء والشيوخ وكل مقومات الحياة أهل القطاع عن المقاومة حتى تحقيق الاستقلال والحرية، حتى وإن إستمر النضال مئات السنين.

imad.mansour70@gmail.com