كتاب

التهجير القسري.. والثبات الفلسطيني

في خضم كل حرب على الفلسطينيين في غزة أو في الضفة، يكون هاجس الاحتلال الأول تهجير الفلسطينيين وإبعادهم عن وطنهم، من أجل إقامة الدولة اليهودية الموعودة، الخالية من أي عِرقْ أو ديانة غيرها، ولعل ما يحدث الآن في غزة أكبر دليل على هذه النوايا، التي تستهدف تفريغ قطاع غزة المحاصر من سكانه، الذي يشكل مصدر قلق دائم للإسرائيلي منذ سنوات طويلة، بحكم الكثافة السكانية العالية في القطاع والمسؤولية الاخلاقية والانسانية المترتبة على هذا الحصار الجائر.

كل محاولات الاحتلال لتحقيق هذا الهدف تصطدم بموقف حازم من الأردن ومصر اللتان تعرفان أكثر من غيرهما طبيعة النوايا الاسرائيلية، وهو الأمر الذي يشكل بالنسبة لهما «خط أحمر»، وهما مستعدتان لكافة الخيارات من أجل منع التهجير، وقد بدا ذلك جلياً من تصريحات المسؤولين في كلا البلدين، اللذين يدركان النوايا الاسرائيلية بعد أن اتخذ الاحتلال كافة الاسباب من أجل جعل الحياة مستحيلة في القطاع، خصوصاً بعد قطع المياه والكهرباء وتشديد الخناق على سكان القطاع بهدم بيوتهم ومستشفياتهم ومدارسهم.

وفي حقيقة الأمر، يدرك أهل القطاع الصامدون، كما هو الحال لسكان القدس والضفة الغربية وفي فلسطين المحتلة عام 1948، نوايا الكيان بالتخلص من أكبر عدد ممكن منهم بالترهيب او الترغيب، من خلال صمودهم الإسطوري، أمام آلة الحرب الإسرائيلية، ومحاولات الإبادة والتهجير، لتيقنهم من السعي لتصفية القضية الفلسطينية، على حساب الدول العربية المجاورة، وهو الخيار الذي تنتهجه إسرائيل من خلال ساستها الذين يعملون ليل نهار من أجل الضغط على دول الجوار العربي بفتح الحدود والسماح بدخول الفلسطينيين المعرضين للقتل والإبادة على مرأى ومسمع?العالم، دون أن يحرك ساكنا.

ديدنهم في ذلك، ما حصل مع أبائهم وأجدادهم الذين وعدوا بالعودة الى ديارهم مع انتهاء الحرب، وما زالوا ينتظرون حق العودة، الذي يعتبر مطلبا أساسيا في سياق الحل النهائي للقضية الفلسطينية، كما هو الحال بالنسبة لملف القدس والحدود والمياه، وغيرها من الملفات، الأمر الذي يفرض على الجميع التعامل بحزم وقوة على صعيد هذه الاجراءات التي من شأنها النيل ليس فقط من حق الشعب الفلسطيني في العيش بأمن وسلام على أرضه وفي وطنه المستقل، لا بل الإنعكاسات الخطيرة على الأمن الوطني والإقتصادي للدول المُستهدفة بالخطة الاسرائيلية للتهجير?القسري.

خلاصة الامر، رغم كل المشاريع الاقتصادية التحفيزية أو العسكرية الأمنية، لتهجير الفلسطينيين من غزة، أو من الضفة، منذ عام 1948، وحتى اليوم، والتي فشلت حتى الآن، أمام الصمود الإسطوري للفلسطيني والرفض العربي القاطع، لا تجد اسرائيل أمامها إلا خيار إبادة سكان القطاع وحصرهم في بقعة جغرافية تصل الى نصف مساحة القطاع حالياً من خلال دعوتها للمدنيين بالمغادرة الى جنوب القطاع، تحت ذريعة تقويض قدرات حماس العسكرية، أمام كل ذلك، يحتاج الصمود الفلسطيني المدعوم بحزم أردني مصري للتهجير القسري، الى دعم عربي وإسلامي ودولي واسع ?أكثر تأثيراً ليكون بمثابة الرد الحازم بكافة الوسائل على محاولات إسرائيل تصفية القضية الفلسطينية، على حساب دول الجوار.

Imad.mansour70@gmaill.com