لقد كشفت الحرب في غزة بما لا يدعو للشك أن إسرائيل تهيمن وتحكم في كل مفاصل القرار السياسي في أوروبا وأميركا، حتى وصل الأمر إلى حد «التصهين» للكثير من السياسين والأحزاب السياسية هناك.
خلال العقود السابقة تمكنت إسرائيل من الهيمنة على الإعلام الغربي والأميركي واستطاعت رغم بشاعتها وارتكابها لكافة أنواع الجرائم بحق الفسطينيين أن تشوه الحقائق وتظهر الفلسطيني والعربي بل وحتى المسلمين بمظهر الإرهابي القاتل الكاره لليهود (العداء للسامية). وأنهم أصحاب الحق والدولة البريئة المعتدى عليها. يخطئ من يظن أن هزائمنا مع إسرائيل منذ عام 1948، واحتلالها لأراض فلسطينية وعربية كان بسبب كذبة تفوقها العسكري فقط، ولكن هناك عوامل أخرى لا يتسع المقام للحديث عنها أهمها: الدور الإعلامي الكبير في إظهار إسرائيل كدول? معتدى عليها، وشيطنة الطرف الآخر وكسبها للرأي العام الدولي لصالحها الذي أظهرها دائما بمظهرالدولة الديمقراطية المسالمة المعتدى عليها، بل كما قلنا شوهت صورة الإنسان الفلسطيني بأنه إرهابي مغتصب وللأسف أسهمنا نحن في خنوعنا وسلبيتنا في تغذية الإعلام الغربي، بكل ما يثبت ذلك عندما تركنا للآخرين تقرير مصيرنا وأهملنا الرأي العام رغم ما نملكه من ثروات مالية مقتنعين بإن حل مشاكلنا بيد غيرنا فاصبح قرارنا السياسي مرهون في يد من يتآمرون علينا.
يقال بالامثال «هذا المطر من ذاك الغيم» فما نراه من تاييد وتبريرغربي وقح لما ترتكبه إسرائيل في غزة لكافة انواع الجرائم الانسانية التي نصت عليها المواثيق الدولية وتسابق زعماء الغرب لزيارتها وتأييدها لإسرائيل وتبرير جرائمها، وتبني أكاذيبها وعلى رأسهم الرئيس الأميركي الذي لم يكتف بذلك، بل وحرك أساطيله العسكرية، وضخ المليارات لدعم إسرائيل، فذلك كله بسبب تركنا عن قصد وغير قصد لإسرائيل الهيمنة على الرأي العام الدولي.
إن الحقيقة المؤلمة أن الكثير من قادة العالم يتعاملون مع مغتصب داعشي ليكودي متطرف لا يعرف سوى منطق القوة فهو يرفض تطبيق جميع القرارات الدولية «مبدأ الأرض مقابل السلام»، دولة محتلة ترفض جميع مبادرات السلام، بل على العكس تعمل ليل ونهار على توسيع الاستيطان ونهب الأرض، وارتكاب جرائم القتل والتهجير، فإسرائيل في لم تعد تؤمن بحل الدولتين الحقيقة المفجعة.
طوال هذه السنيين ما زلنا في دولنا العربية نهمل دور سلاح الإعلام والرأي العام الدولي، في كشف الوجه القبيح لإسرائيل رغم ما نملكه من ثروات مالية هائلة تمكننا من الاستثمار في قطاع الإعلام، في حين أن إسرائيل استطاعت على مر السنيين من إدارة معركة الإعلام بكل اقتدار، بل والتعاقد مع شبكات وشركات ليس في الولايات المتحدة والغرب فقط، بل وفي كثير من دول العالم تعمل على تلميع صورتها بأنها الدولة الديمقراطية الوحيدة في المنطقة وقلب الحقائق وتشويه صورة الفلسطينيين والعرب بانهم هم المعتدون والقتلة ولكن رب ضارة نافعة فرغم ?لهيمنة الإسرائيلة على الإعلام العالمي أسهمت وسائل التواصل الإجتماعي في حرب غزة في إظهار الوجه القبيح لإسرائيل ومدى تبعية الغرب وانحيازه الأعمى، وفي النهاية أقول ان الحروب لا تعتمد على الرصاص فقط، بل على الصورة والخبر أيضا.
استاذ القانون الدولي العام