فيما ننتظر زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لعمّان اليوم ولقائه جلالة الملك عبدالله الثاني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، فستحدد الوجهة الجديدة لاتخاذ إجراءات قد تفضي لفكفكة طلاسم الإسرائيليين الذين لا يزالون في حالة الصدمة، ووقف الحرب الظالمة على شعبنا في غزة، وهذا ما يؤشر على أهمية عودة الأردن بزخم سياسي كما كان قبل سنوات خلت، بجهود ملكية دارت حول العالم، جلها عن القضية الفلسطينية.
قبل ذلك الاقتحام عالي الكفاءة من قبل المقاومين في قوات كتائب القسام ضد الاحتلال الصهيوني جنوب فلسطين، وبزمن بعيد عن ذلك، قاد جلالته جهوداً كبيرة لشرح المنطق الأساس كي ينعم الشعب الفلسطيني بحريته وعلى ترابه ولا يترك منبراً إلا والقضية الفلسطينية والشعب الصامد على أرضه، موجود على أجنداته، وكان خير ما افتتح به على منصة هيئة الأمم المتحدة هو دعم القضية الفلسطينية والدفاع عن أبناء فلسطين الذين يكتوون بنيران قوات الاحتلال منذ أشهر مضت، إذ تفاقمت الحملة الظالمة ضد الفلسطينيين دون أن يبكي عليهم أحد، وهذا ما حذّر ج?الته منه أمام العالم، قبل الحرب الظالمة على غزة.
لقد رأينا الملك يبذل أقصى ما عنده من شروحات وتقريب وجهات النظر من خلال جولته الأوروبية سعياً للوصول إلى وقف تدمير البنية التحتية في قطاع غزة برمته، وضرورة وقف استهداف القطاع من قِبل الطائرات الحربية والمدفعية، والتي خلّفت أكثر من ألفين وخمسمئة شهيد، ربعهم من الأطفال، وهو يناشد رؤساء تلك الدول للضغط على دولة الاحتلال كي توقف جريمتها البشعة ضد المدنيين، و إعادة الحياة للقطاع من خلال توفير طرق آمنة لإيصال المساعدات الطبية والغذائية والمياه وإبقاء المستشفيات عاملةً، وهذا ما يجب أن يعيّه الغرب المتحضّر، لا المُ?تضر.
فالمفارقة اليوم هي أن الملك توجه إلى الدول المساندة لإسرائيل كي توقف مجازرها والعودة عن مخططها الكارثي، في المقابل تضغط اسرائيل بكل قوتها على الرئيس الأمريكي جو بايدن، كي يقدم أقصى ما يمكنه من دعم عسكري ولوجستي وحاملات طائرات وأسلحة فتاكة، و هذا ما يظهر الفرق بين من ينادي بالسلام العادل من قبل الملك، ومن يؤجج سعير المعركة ضد الشعب الأعزل.
الملك وجه الحكومة إلى تقديم أقصى ما يمكن من دعم للفلسطينيين، وهو أول من أرسل الطائرات إلى العريش محملة بأطنان المواد الغذائية والطبية والمستلزمات لإدخالها إلى قطاع غزة، وأكد على إبقاء المستشفى الأردني هناك لاستقبال الغزّيين من الجرحى، وبعد ذلك تم إدخال رتل من الشاحنات محملة بالمواد من كافة أشكالها عبر محطة الركاب في خليج العقبة عبر البحر لترسو على الجانب المصري نحو العريش.
ونبقى مع الملك، الذي أكد رفضه مجدداً لتهجير الفلسطينيين من أي طريق كان، لا للأردن ولا لمصر، فذلك الشعب لا يستحق أن يُسرق المرة تلو الأخرى، لأنه صاحب الأرض ولن يتخلى عن أرضه، حتى لو دفن فيها ألف مرة، فسيبقى الأبطال الذين يستقبلون القذائف بصدورهم متسمرين على رمال غزة وبحرها.
من هنا على جميع فئات الشعب الأردني أن يلتف حول الملك وأن يدعم جهوده الساعية لحماية المقدسات الإسلامية في القدس الشريف، خشية من أن تنتهج دولة الاحتلال سيناريوهات غزة لتضرب بها أبناء القدس، و قد يتصاعد الإجرام لدرجة تدنيس المقدسات الإسلامية والمسيحية هناك، ومن غير المستبعد أن يقوموا بعمليات هدم لمرافق المسجد أو حتى المسجد ذاته، ولكن ما يطمئننا أن غالبية الشعب الأردني هبّ كالأسود الصهورة بالمظاهرات العارمة و تقديم المساعدات بكافة أشكالها.
ومن الطبيعي أن نغضب، وأن ننكأ جراح الظلم فيما يفعله العدو الغاشم، وهذا ليس مدعاة لتوجيه الاتهامات والتخوين على عواهنها،خاصة وان الدولة تكفل حرية التعبير بحدودها القصوى، فهذه الفترة ليست للتلاوم وانما لتوحيد صف الأردنيين الذين دافع آباؤهم وأجدادهم لحماية ثرى فلسطين وقدموا الشهداء تلو الشهداء، فالتحام الشعب مع القيادة يعطي إسناداً يمكنّ صاحب القرار من اتخاذ كافة المقررات لمواجهة العدو في ظل هذه المرحلة البائسة، ويدعم موقف الأردن الذي لم ولن يتخلى عن شعبنا في الضفة الغربية وغزة.
[email protected]