لست أدري من أين أبدأ الحديث ولكن من المؤكد أن ما يطلق عليها الشرعية الدولية قد أصبحت مقولة لا معنى لها، فما زال العالم يعيش وفقاً لشريعة الغاب والغلبة للأقوى، فمنذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، وإلى يومنا هذا ورغم تأسيس الأمم المتحدة 1945 التي انضمت اليها جميع دول العالم، والتأكيد في ميثاقها على حماية الأمن والسلم الدوليين ومحاسبة الدول التي تهدد الأمن والسلم لدوليين وصلاحيات مجلس الأمن الدولي باللجوء لتطبيق الفصل السادس والسابع العقوبات ومن ثم التدخل المباشر، إلا أن ذلك فعليا كان حبراً على ورق، لا يغني ولا يسمن من جوع، فجميع الإجراءات والعقوبات التي فرضت كانت بحق الدول الضعيفة ولمصالح الدول القوية، أما الطفل المدلل (إسرائيل)، فحدث ولا حرج فهذه الدولة كانت وما زالت استثناء في كل شيء، فمنذ اغتصابها لأرض فلسطين عام 1948 وقرار التقسيم المشئوم (181) 1947، وحتى يومنا هذا لم يخضع هذا الكيان لأي قرار دولي أممي سواء من مجلس الأمن أو غيره من المنظمات الدولية وهي وحدها من يحق لها خرق كافة قوانين القانون الدولي رغم جرائمها المستمرة لا يتم محاسبتها أو حتى إدانتها، في حين أن الضحية الشعب الفلسطيني يتم إدانته واتهامها بالإرهاب والعنف المستمر وأنها هي المعتدية ومن تقف في وجه الاستقرار في المنطقة وأن أي مقاومة هي أرهاب لا يجوز السكوت عنه.
كثيرة هي الدول التي قبلت بهذا الواقع وخرج علينا البعض ليذكرونا بأن إسرائيل حقيقة واقعة ولا مفر من قبول السلام معها، وعلينا إنقاذ ما يمكن إنقاذه، مذكرين بقوله تعالى لرسوله الكريم «وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم » صدق الله العظيم. فرفعنا غصون الزيتون وتوالت اتفاقيات السلام، ناهيك عن المبادرات العربية للسلام الدائم تدعوا إلى السلم وفقا للقرارت الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة (242) و(338) والعشرات من القرارات التي تدعوا الى حل الصراع وقيام الدولة الفلسطينية، ولكنها جميعاً لم ولن تطبق لأن الطفل المدلل الذي يحظى بدعم لا محدود من الأميركيين والغرب، لم يعد يؤمن بذلك بل إنه أصبح يطالب العرب وبكل «وقاحة» بالقبول بالسلم المجاني دون مقابل ونسيان حتى فكرة وجود دولة او وطن اسمه فلسطين.
المقاومة أذلت بـ (طوفان الأقصى) إسرائيل وحطمت مقولة الجيش الذي لا يهزم، فما تقوم به الآلة الإسرائيلية من جرائم وحصار وعزل وقصف مستمر بالقنابل المحرمة وغير المحرمة، تلقيها على كل شيء في غزة البشر والحجر والشجر وقطع للكهرباء والماء والغذاء، وتمنع دخول المساعدات وتضرب المعابر والاعلان عن قرب الدخول في اجتياح بري، ضاربة بعرض الحائط جميع القوانين والمواثيق الدولية في ظل دعم لا محدود من الغرب والولايات المتحدة التي أعلنت قيامها بتحريك أسطولها البحري في ظل قبول وسكوت دولي، فأنني أنعى إليكم ما يسمى بـ'الشرعية والقانون والعدالة الدولية».
أستاذ القانون الدولي
مواضيع ذات صلة