كنت قد كتبت سابقا بعض المقالات عن أنواع الحكم في الانظمة السياسية مثل: الدولة الفاشلة والدولة المرتخية، دولة القانون، ورغم أن هناك العديد أنواع عديدة من الحكم ما زالت القائمة مستمرة إلى يومنا هذا ما بين مستبد او ديمقراطي وما بينهم انواع عديدة، لكنها جميعها مهما اختلفت بالمسميات تخضع جميعها لحكم الأقلية التي تملك المال (القوة الإقتصادية)، وبالتالي هي من تتحكم بالسلطة، فكما يقال «المال والسلطة وجهان لعملة واحدة».
في هذا السياق شدني مصطلح قديم لنوع من انواع الحكم وهو (الحكم الاولغاركي) الذي يكاد أن يكون موجودا منذ نشأت البشرية وظهور'الملكية الشخصية» وقبل الدخول في التفاصيل سوف نوضح تعريف مصطلح الأوليغاركية الذي يعني (حكم الأقلية) فيعود جذور هذا النوع من الحكم الى الحقبة الاغريقية وأول من أشار اليها هو المفكر افلاطون في كتابه (الجمهورية) و في كتابه (السياسة) التي قسم فيها المجتمع الى طبقات، بحيث تكون السلطة محصورة بيد فئة من الناس تتميز بالمال أو النسب او السلطة اوبهما جميعاًن.
يخطئ من يضن أن الأوليغاركيةمرتبط بنظام الدول فقط، فهذا التوصيف ينطبق ايضاً على النظام العالمي، فلقد قسمت فيه الدول أيضاً إلى طبقات وأنواع منها: الدول الفقيرة، الدول النامية، الدول السائرة في طريق النمو، الدول المتقدمة والدول الأكثر تقدما أو العظمى وقد تم تفصيل الهيكل الدولي على هذا الأساس ليدخل ضمنها مسميات اخرى مثل الدول الصناعية الكبرى الدول السبع الكبرى، الدول العشرين وغيرها من المسميات، بل وتم إقرار هذا التقسيم داخل المنظمات الدولية في الأمم المتحدة «الدول السبع دائمة العضوية» في (مجلس الأمن) التي تتحكم بقرار الحرب والسلم الدوليين، وكذلك الحال في المنظمات الدولية العالم المتخصصة أيضاً.
إن المحرك والمتحكم الأول في هذا النظام الدولي هم أصحاب النفوذ المالي باعتبارهم من يسيطرون على القرار السياسي والاقتصادي في دولهم، ويتحكمون بأدوات النظام الاقتصادي والسياسي، سواء كانت دولهم ديمقراطية أو غير ذلك، وهؤلاء هم من يملكون الشركات العابرة للقارات التي تملك المصانع والشركات والمؤسسات التي تتحكم بأسواق المال وهم بالتالي من يتحكمون بشكل ونوع العلاقات الإقتصادية والسياسة لدولهم، بل أجزم أن صندوق النقد الدولي هو أحد أكبر وأهم المؤسسات الدولية التي يستخدمها هؤلاء باسم دولهم للتحكم في مصير العالم لا سيما الدول الفقيرة لضمان أسواق الاستهلاك.
نشرت منظمة أوكسفام البريطانية تقريراً إحصائياً حول توزيع الثروت في العالم باستحواذ ما نسبته 1% من أغنى أثرياء العالم يملكون ما يقارب ضعف ما يمتلكه باقي سكان الأرض، وفي هذا السياق يقول العالم الأميركي الاقتصادي المعاصر سايمون جونسون أنه «يمكن للأولغاركية والديمقراطية أن تعملا ضمن نظام واحد، كما يؤكد أن هذه الطبقة هي من تدفع الدول لاشعال فتيل النزاعات والحروب وهي من دفعت الولايات المتحدة في الآونة الأخيرة إلى تبني الحرب الأوكرانية ضد روسيا، وهي من تشن الحرب الاقتصادية ضد الصين وتعمل حالياً على تحطيم الطبقة المتوسطة في أميركا والهدف فوضى تمكنها من المزيد من السيطرة على الاميركي بل وعلى الاقتصاد العالمي برمته.
أستاذ القانون الدولي العام