للاسف لم أتصور أن نصل يوما من الايام ونحن في دولة القانون والمؤسسات وننطلق برؤى تحديث نوعية الى أن تقوم شركات الاتصالات المحلية برمي القانون عرض الحائط، وأن تتفق فيما بينها على رفع اسعار اشتراكاتها الشهرية على المواطنين بسابقة خطيرة تتمثل بمخالفة قانون المنافسة، فما خطر هذه السابقة على الاقتصاد والمواطنين وماذا على الحكومة ان تفعل.
ما حدث مؤخرا من اتفاق بين شركات الاتصالات خطير ولا يمت للمنافسة التي يجب ان تكون بينها بصلة فهي تقرر وبالاتفاق رفع اسعارها وبنفس النسبة دون رقيب او حسيب او حتى خشية من القانون، الذي يحدد شروط المنافسة ويمنع اقامة الاتفاقيات بين المتنافسين على حساب المواطنين، ولهذا وجب على الجهات المختصة التصدي لهذا الاتفاق لكي لا تنتقل العدوى لقطاعات اخرى تنتظر مثل هذا الانفلات لترفع اسعارها ونكون بذلك كمن طعن المواطن والاقتصاد بالخاصرة.
الاسباب التي ذهبت اليها الشركات في تبرير رفع الاشتراكات الشهرية المدفوعة مسبقا غير مقنعة، ولا تمت للواقع بصلة وخاصة انها تتحدث عن خسائر وضعف بالايرادات تتنافى مع نتائجها المالية، وهنا اذا ما كانت فعلا تتعرض للخسائر فما عليها سوى مغادرة السوق فهذه قاعدة السوق، واما ان تذهب للاتفاق فيما بينها على رفع الاسعار على المواطنين فهذا يستوجب اتخاذ اجراءات رادعة من الجهات المختصة.
الشركات الثلاث الموجودة بالمملكة تنفي الاتفاق فيما بينها على رفع الاسعار، وهذا النفي يتطلب منها العدول عن رفع الاسعار، او ان ترفع كلا منها على حدة اسعارها وبنسب وفوارق عن الشركات المنافسة الاخرى
وبدون ذلك فهي تؤكد الاتفاق الذي يخالف القانون، وأن يتحمل المواطن ذنب المنافسة بينها وتراجع ايراداتها فهذا غير منطقي.
اساس العمل بالمملكة والاستثمار فيها قائم على المنافسة والا لما رخصنا لثلاث شركات ولربما سنشهد قريبا دخول مشغل رابع، ولاجل هذا وجد قانون المنافسة الذي يضمن المنافسة بعيدا عن جيب المواطن ويمنع كل اتفاق بين المتنافسين على رفع الاسعار او احتكارها، وهذا ما تسبب طيلة السنوات الماضية برفع سوية الاتصالات والخدمات المقدمة من قبل تلك الشركات في التنافس على استقطاب المشتركين.
خلاصة القول، المملكة تتعرض حاليا لموجات تضخم شرسة قادمة من الخارج، وقد استطعنا بفضل جهود البنك المركزي الحد منها وتخفيف آثارها على المستهلك ولمختلف الاصناف، ولهذا لا يجوز ان نترك السوق للاتفاقيات غير الشريفة والقائمة على الغاء مبدأ المنافسة بينها على حساب المستهلك ما قد يتسبب بموجات تضخم داخلية قد لا نستطيع السيطرة عليها، فلذلك اوقفوا الاستقواء على القانون قبل ان تنتقل العدوى إلى بقية القطاعات.