كتاب

الحق في التعبير ونقد السياسات العامة مصونان

مع تصاعد الجدل حول قانون الجرائم الإلكترونية والمواد التي تماست مع فضاء التواصل الاجتماعي تعلقت الأنظار بجلالة الملك والإرادة السامية، وتداول البعض مطلباً بقرار ملكي لرد مشروع القانون الذي أجازه مجلس الأمة بغرفتيه، إلا أن ذلك لم يكن يوماً نهجاً ملكياً، بل كان الحرص على تمكين السلطات وصيانتها والنهوض بأدائها لما فيه مصلحة الوطن والمواطن.

الملك للجميع، وكما توجهت لمقامه مطالب من يبتغون الرد للقانون، ناشده كثير من المتضررين وبعضهم ممن لا يملكون حولاً ولا قوة سوى التأمل في قانون عصري يستطيع أن يحفظ حقوقهم، ولذلك أنفذ الملك القانون الذي يشكل ضرورة في مرحلة تتطلب المزيد من الانفتاح على التكنولوجيا مما يتطلب المضي قدماً على أرضية ثابتة وواضحة.

وفي حديثه إلى رئيس وأعضاء المجلس الوطني لحقوق الإنسان ونقيب الصحفيين، اكد جلالة الملك ضرورة العمل على ضمان تطبيق متوازن للقانون تجنباً لاستغلاله خاصة وان الأردن بقي على الدوام دولة متسامحة ومنفتحة لم تسجل عهوداً تعسفية أو انتقامية.

جلالته اكد خلال حديثه ان مكافحة الجرائم الالكترونية يجب ان لا تكون على حساب حق الاردنيين في التعبير عن آرائهم او انتقاد السياسات العامة وهو ما ينسجم مع فقه التشريع الذي انطلق منه القانون من حيث استهدافه لحماية المجتمع بشكل عام والضعفاء في المعادلة بشكل خاص، في ظل توافق مجتمعي على ضرورة مواجهة الاساءات التي تخالف الاخلاق والقانون عبر وسائل التواصل الاجتماعي ولم يصمم للحد من حرية المواطنين في التعبير عن ارائهم او نقد السياسات العامة او حماية أحد ممن يتسنم مسؤولية الخدمة العامة.

ما تم طرحه في هذا اللقاء يدل على المتابعة الملكية الحثيثة لادق التفاصل في الفضاء الوطني والمجتمعي العام، واصرار جلالته المستمر في المحافظة على بيئة ايجابية تمكن المواطنين من الاشتباك البناء من خلال النقد القائم على المعلومة الدقيقة والمعبرة عن الواقع، والحل يكمن وفق الرؤية الملكية في المزيد من الشفافية وبناء عليه جاءت المبادرة الملكية بتوجيه الحكومة الى ضرورة مراجعة مشروع قانون ضمان حق الحصول على المعلومات ليكفل للجميع حق الحصول على المعلومة الدقيقة والصحيحة وبشكل سريع، وهو ما سيضمن مزيداً من المشاركة خلافاً لما يحاول البعض ترويجه.

مسيرة التحديث الملكية ملتزمة بتحقيق النتائج المرجوة وفي المواعيد المحددة، والأطر القانونية من اللوازم الرئيسية لإتمام ذلك بطريقة تستطيع تنمية المكتسبات وتوزيعها بصورة عادلة على جميع الفاعلين في المعادلة السياسية.

وفي الختام يمكن القول بأن الحديث الملكي خلال هذا اللقاء قد اسهم في بث الطمأنينة في قلوب المواطنين، من خلال التأكيد على أن القانون هو للجميع ووجد من أجل الإفادة منه وليس توظيفه في الصراع والشقاق والممارسات الأخرى، وفي النتيجة يبقى تطبيق القانون هو العامل الحاسم في الحكم عليه.