قناعات كثيرة ازدادت رسوخا عندي، بعد تسع سنوات من العمل في إطار جماعة عمان لحورات المستقبل، يحملها أعضاؤها الذين ينتمون إلى معظم المحافظات، كما انها عملت في معظم المحافظات، خلال تنفيذها لنشاطاتها التي زادت عن الف نشاط منها خطط وبرامج عمل وطنية في مجالات التعليم، والاقتصاد والأسرة والشباب، وفي مجال التحذير من التمويل الأجنبي. أما في مجال الصحة فقد كان للجماعة دور مشرف أثناء جائحة كورونا على سبيل المثال.
مع ذلك فهناك ما زال من يتساءل لماذا عمان؟ وهو سؤال اجبنا عليه عشرات المرات بوسائل مختلفة كالنشر في الصحف وفي المقابلات المسموعة والمقروءة، وعبر وسائل التواصل الاجتماعي، وقلنا انه في المجتمعات المتحضرة، التي تنشط بها جماعات التفكير والتفكر، فإن الكثير من هذه الجماعات تتسمى باسماء مدن، رغم أنها تعمل على امتداد دولها، ولعل من أشهر هذه الجماعات الجماعة التي تعرف باسم مدرسة فرانكفورت، هذا بالإضافة إلى أن عمان عاصمة الأردن، وفيها كل الوان الطيف السكاني الأردني، لذلك كانت أول القناعات التي تكونت لدي، هي أن الكثيرين في مجتمعنا لا يكلفون أنفسهم عناء البحث في القضايا التي يودون ابداء رأي بها اواتخاذ موقف منها أو اتهامها، لكنهم يصرون على الاحتكام إلى جهلهم ويسمعون إلى تعميمه.
ثاني القناعات هي أهمية العمل الجماعي وروح الفريق، فهذا النوع من العمل فوق انه يشفي مجتمعنا من احد اهم امراضه،وهي الانانية والأنا المتضخمة، فان العمل الجماعي، وبروح الفريق يجمع المكونات الصغيرة والأفكار الوليدة، فيجعل من الأولى جسدا قويا متكاملا قادرا على الحياة والفعل والتأثير، ويجعل من الثانية خططا ومشاريع وبرامج لها أثر على الأرض، عندما تأخذ طريقها إلى التنفيذ من خلال العمل الجاد.
ومثل الأفكار الوليدة كذلك الرجال والنساء، فربما كان تقيمنا لأحدهم اواحداهن سلبيا، لكنه عندما ينخرط في عمل جماعي يصبح أو تصبح ذا وزن نوعي ويصير لجهده أثر في إطار العمل بروح الفريق، مصداقا لقول الشاعر: «ترى الرجل النحيل فتزدريه..
وفي أثوابه أسد مزير»..
وهكذا هو الإنسان فهو منجم، سواء كان هذا الإنسان رجلا او امرأة، فالمهارة تكمن في القدرة على اكتشاف واستخراج مافي اعماقه من ثروات. ومما يزيد من أهمية العمل الجماعي بروح الفريق هو الصبر والاستمرارية، فكثيرة هي المشاريع الكبرى والاستراتيجيات المتميزة والبدايات الناجحة التي سقطت لنفاذ صبر اصحابها وعدم رغبتهم بالاستمرار، لتعجل رغبتهم بقطف النتائج قبل أوانها، متناسين أيضا الحكمة التي تقول «من استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه».
والصبر فوق انه عنصر اساسي من عناصر الاستمرارية، فإنه يساعد كذلك على النجاة من حالة الاحباط والسلبية المسيطرة على المجتمع. وعلاج هذه الحالة لايكون بالاكتفاء بتشخيصها، ثم الندب على ما وصلنا اليه، والاستسلام له، بل بالتمرد عليه من خلال العمل الجاد للخروج منه، وهو ماتحاول جماعة عمان لحورات المستقبل فعله. وهو مسؤولية فردية تقع على كاهل كل أردني وأردنية.