لا يحتاج المرء إلى طويل تأمل في المشهد الثقافي الأردني، حتى يكتشف حالة الفوضى التي تسوده، والوهن الذي يعتريه، وهي حالة ساعدت على نمو الطحالب والمتسلقات الضارة في ساحة هذا المشهد، فكثر السراق ولصوص النصوص، الذين لا يتورع احدهم او احداهن من الدخول إلى محرك البحث (جوجل) فيسطو او تسطو على نص من النصوص، ويعيد او تعيد نشره باسمه او اسمها، مع تغير كلمة هنا أو كلمة هناك، وأحيانا كثيرة بلا اي تغير، بل ان هناك من يوظف من يقوم بهذه المهمة نيابة عنه او عنها، فيظهر او تظهر أمام القراء غزير الإنتاج متنوعه. وهكذا هي المج?معات التائهة تسخر التطور العلمي تسخيرا ضارا بدلا من توظيفه لتطوير واقعها وتغيره نحو الأحسن.
ظاهرة سلبية أخرى في مشهدنا الثقافي، هي ظاهرة إشهار الكتب، فقد تم تشويه ومسخ مفهوم هذه الممارسة الثقافية، ففي الوقت الذي يكون فيه حفل إشهار الكتاب في البلدان ذات المشهد الثقافي الحقيقي مناسبة يتم فيها تقديم قراءة حقيقية للكتاب تخلو من النقد، فقد تحولت ممارسة إشهار الكتب في المشهد الثقافي الأردني إلى حفلات علاقات عامة يحضرها من لا علاقة له بالثقافة، حتى أن بعض أصحاب هذه الكتب يؤمن المواصلات لإقاربه لحضور ما يسميه ندوة لاشهار كتابه، الذي غالبا ما يقتصر الحديث فيها عن المؤلف دون الكتاب، بكلمات كلها مجاملة مزيف?، بل ان بعضهم صار ينظم حفلات غنائية وأمسيات شعرية فيما يسميه زورا وبهتانا حفل إشهار كتاب، كما أن بعض هؤلاء لا يتردد في إقامة العديد من حفلات الاشهار لنفس الكتاب، فقد صار الأمر امر علاقات عامة، لا علاقة للثقافة به.
ظاهرة مرضية أخرى اصيب بها المشهد الثقافي الأردني، هي لجوء البعض لإجراء مقابلات، ثم جمعها بكتب على اعتبارها من مؤلفاتهم، في عملية تكسب لا تخلوا من الابتزاز، أو طلبا للشهرة، دون جهد إبداعي الذي هو شرط اساسي لأي عمل ثقافي.
لقد ساعد على استفحال هذه الأمراض في المشهد الثقافي الأردني غياب حركة نقدية حقيقية تعري المزيف، وتفرز الغث من السمين في مشهدنا الثقافي.