رغم أنَّ البعض من الأكاديمين لا يؤمن بمصداقية وموضوعية تصنيف الجامعات، غير أنه من المؤكد أن ظهور نتائج التصنيفات المختلفة وقوائم المقارنات تدفع الإدارات الجامعية نحو العمل على تجويد الممارسات الأكاديمية والإدارية، ومعالجة بعض الإختلالات التي تظهر في ضوء التقييمات ذات المعايير المتعددة.
في المجمل تحاول جميع الجامعات الأردنية الخطو نحو الأمام في ميدان التصنيفات العالمية، وقد تحقق في هذا المجال إنجازات واضحة بعدما تراكمت خبرة جيدة لدى الإدارات الجامعية حول آليات العمل وفق المعايير المعتمدة لدى المؤسسات والجهات المعنية بإعداد قوائم التصنيف، وقد بادرت بعض الجامعات بتشكيل فرق خاصة بعمل كل ما من شأنه الإرتقاء بمرتبة الجامعة محلياً وعالمياً، وقد سجلت عدة جامعات أردنية قفزات واضحة في مختلف التصنيفات العالمية.
هناك تحديات عديدة تواجه الجامعات الأردنية وتعيق تقدمها في سلم تصنيف الجامعات، ويمثل ضعف القدرة المالية العائق الأكبر أمام إحراز إنجازات كبيرة في هذا المجال، فقد أستطاعات بعض الجامعات التي يتوفر لديها تمويل مرتفع في دول عديدة توظيف قدرتها المالية في الإنفاق على توفير منح دراسية لإستقطاب طلبة دوليين، وجلب أكاديميين متميزين من دول عديدة للعمل في الجامعة، وتعمل كذلك على تعيين عدد كبير من المدرسين لتحسين نسبة عدد الطلبة إلى عدد الأكاديميين، كما تنفق هذه الجامعات مبالغ كبيرة على تجهيز بنية متكاملة للبحث العلمي و?عم المشاريع البحثية.
من جهة أخرى يتسبب إقبال الطلبة في الأردن على التعليم الجامعي بشكل كثيف تحدياً يوازي ضعف التمويل، وتتسبب الأعداد الكبيرة من الخريجين في ضعف القدرة على التوظيف والتي تعتبر من أهم المعايير في معظم التصنيفات العالمية.
إلى جانب العمل على تخصيص نسبة من موازنة الجامعة لدعم موقع الجامعة في التصنيفات العالمية، تستطيع الجامعات الأردنية التركيز على تطوير القدرات والإمكانيات التي تعتمدها هذه التصنيفات كمعايير للتصنيف، كتطوير الموقع الإلكتروني الخاص بالجامعة، وتوسيع شبكة التعاون البحثي مع باحثين من مختلف دول العالم وعقد إتفاقيات تعاون حقيقي وفعال مع مؤسسات أكاديمية دولية، كما أنَّ متابعة الخريجين وإعداد قواعد بيانات خاصة بهم يسهم بشكل واضح في هذا الأتجاه، فالمتابع للمستجدات في الشؤون الأكاديمة والتنافسية بين الجامعات يدرك تنامي ?لتركيز على معيار التوظيف.
كما يمكن للجامعات الأردنية توظيف برامج الدراسات العليا في تعزيز الأعمال البحثية المميزة فيها، وأن لا يكتفى فقط بالتركيز على التدريس وإغفال البحث العلمي، فهناك أعداد كبيرة من الطلبة في معظم برامج الدراسات العليا في الجامعات الأردنية لا يتم استثمار طاقاتهم في البحث العلمي وتوجيههم نحو استدامة انتاجهم العلمي.
ما حققته الجامعات الأردنية في سلم التصنيفات العالمية يدعو للثقة بقدرتها التنافسية، وهذا يتطلب بالدرجة الأولى ضخ مزيد من التفاؤل بمستقبل التعليم العالي في الأردن، والعمل بكل طاقة لدعم الجامعات وزيادة مخصصاتها المالية في موازنة الدولة، وتعميق إستقلالها، إلى جانب سياسات وتشريعات تحول دون خروج بعضها عن مسار الجودة والتميز.