فايق حجازين
مسح الاستثمار الأجنبي الذي أعدته دائرة الأبحاث في البنك المركزي الأردني يعطي صورة واضحة عن واقع الاستثمار الأجنبي، ويبدد حقائق سادت خلال العقدين الماضيين حول هيكل الاستثمار الأجنبي وتركزه في قطاعات لا توظف الأيدي العاملة، خصوصا المحلية، وأثرها على الناتج المحلي الإجمالي محدود، مثل قطاع التطوير العقاري والإنشاءات. صحيح أن هذا الانطباع قد يكون قريب من الدقة وتدعم ذلك البيانات المنشورة، لكن ما اوضحه المسح مختلف نوعا ما.
فقد استحوذت الاستثمارات الأجنبية في قطاعي الانشاءات والعقارات على 19.4 بالمئة من إجمالي الاستثمار الأجنبي الذي بلغ في نهاية عام 2020 نحو34 مليار و128 مليون دينار. واستحوذت الصناعات التحويلية والتعدين واستغلال المحاجر والكهرباء والغاز والتكييف وما يتصل بها على نحو 32.8 بالمئة، فيما كانت الحصة الأكبر لقطاع الخدمات بأنشطته المتنوعة بين المالية والتأمين والنقل والخدمات الإدارية والصحة والتعليم وغيرها وبنسبة 47.5 بالمئة.
واضح تماما أن الاقتصاد الأردني اقتصاد خدمات، حيث يشكل نحو 70 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، لكن هناك انشطة غابت عن خارطة الاستثمار الأجنبي مثل النشاط الزراعي، الذي نحن أحوج ما نكون له لتكثير الغذاء وتحسين جودته واستثمار الميزات التنافسية للأرض الأردنية التي تتنوع بين وادي الأردن والشفا غورية والجبلية والصحراوية القابلة جميعها للزراعة بوجود المياه.
يمكن توجيه الاستثمارات الأجنبية إلى قطاعات تشكل أولوية تنموية واقتصادية أردنية، صناعية وزراعية، من خلال منح مزايا تفضيلية على قطاعات أخرى أو ربط الحوافز في توظيف الأيدي العاملة المحلية، والمساهمة في عمليات نقل التكنولوجيا التي تكثف الانتاج الزراعي وتوفر في استخدام المياه للزراعة.
قد نكون فوتنا الفرصة في سنوات الوفرة المالية، خصوصا التي شهدت فيها المملكة عمليات نشطة للتطوير العقاري، والتي كانت مساهمتها بالتوظيف محدودة ومؤقته، لكن علينا الآن، وقد باتت الصورة واضحة عن اهتمامات المستثمرين العرب والأجانب بسبب ما اوضحه مسح البنك المركزي، أن نتحرك لتوجيه الاستثمارات الاجنبية، بطريقة ناعمة، نحو النشاطات التي تحقق رؤية التحديث الاقتصادي وتتوافق مع الأولويات التنموية الوطنية.