خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

عبد السلام المجالي الزاهد

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
بلال حسن التل

شرفت بمعرفة المرحوم بإذن الله دولة الدكتور عبد السلام المجالي في الحل والترحال، فقد التقيته في السفر وكان خارج المسؤولية الرسمية لكنني لمست ثقل الرجل ومكانته الدولية، وبذلك يمكنني القول ان رحيل عبدالسلام المجالي هو خسارة للأردن داخليا وخارجيا.

برحيل دولة الدكتور عبدالسلام المجالي إلى الرفيق الأعلى، نكون في الأردن قد خسرنا رجلا كان بقية طبقة من رجال الحكم، الذين كانوا يرون أن الإخلاص لوطنهم ولقائدهم ليس مجرد كلمات عابرة، وتصريحات رنانة، طبقة لم يكن ولاؤها مرتبطا بشغلها للموقع الرسمي حتى إذا غادرته تحولت إلى معارضة ليس للحكومة فقط، فقد كان الإخلاص الحقيقي عند هذه الطبقة هو بأن تصدق القائد القول مهما كان قاسيا، وأن تحسن اداء العمل مهما كان شاقا، وقبل ذلك بأن تحمي القائد بحمل الأعباء عنه لا أن تكون عبئا عليه، وبان تختبئ خلفه، كما كان الإخلاص عند هؤلاء الرجال أن تكون منجزا وأن تنسب الإنجاز لقائد الوطن.

بمثل هذه الطبقة من رجال الدولة لم يجتز الأردن كل التحديات التي واجهته فقط،بل أنجز في كل المجالات، فكان نموذجا في الإدارة العامة، وفي التعليم وفي الصحة،وامتلك بنية تحتية متطورة ومتميزة.

لقد حقق الأردن ذلك كله رغم التحديات ورغم ضيق ذات اليد اقتصاديا. فقد كان غنيا بالرجال أولي الهمة، وأصحاب الرؤى والأحلام الكبيرة، والمشاريع العظيمة، أمثال عبد السلام المجالي لذلك أنجزوا كل هذه الإنجازات.

وعند الإنجاز نتوقف لنقول ان هذه المكانة التي شغلها المرحوم بإذن الله عبدالسلام المجالي لم تكن سرابا صنعته آلة إعلامية منافقة، فقد عرفت الرجل عن قرب وعملت بمعيته فكان أزهد الناس بالإعلام، لكنه كان أكثرهم عشقا للإنجاز، وهو الإنجاز الذي حجز له كل هذا الحيز في تاريخ وطنه وكل هذا الحب في قلوب مواطنيه، فقد أنجز الرجل في المجال الصحي بشقيه العسكري والمدني، ويكفيه فخراً دوره البارز والمميز بإنجاز مدينة الحسين الطبية درة القطاع الصحي الاردني،كما انجز في قطاع التعليم وزيرا للتربية والتعليم، ورئيسا مميزا للجامعة الأردنية التي شهدت أيام قيادة المجالي لها القا لم يتكرر، لذلك كان الدكتور عبدالسلام المجالي حزينا في السنوات الأخيرة على ما وصل اليه واقع هاتان المؤسستان من تراجع. ولا غرابة في ذلك، فالإنجاز بالنسبة لصاحبه بمثابة الأبناء يفرح الأهل بنجاحهم و يحزنون لعثراتهم.

ومثلما أنجز عبد السلام المجالي في القطاع العام من خلال المواقع القيادية التي شغلها، فقد أنجز في القطاع الأهلي الكثير الكثير، من ذلك مؤسسة إعمار الكرك، وجمعية الشؤون الدولية وغيرهما من المؤسسات العلمية والفكرية، فقد كان عليه رحمة الله يرى في الإنجاز عملا صالحا وعبادة يتقرب بها إلى الله.

وعلى ذكر الصلاح والصالحين لابد من القول إن الدكتور عبدالسلام المجالي كان مربيا من طراز خاص، يؤمن بالتربية من خلال القدوة الحسنة، فلم يكن يتردد بجمع ما يجده في طرقات الجامعة الأردنية من مخلفات ليضعها في المكب المخصص لها، وكان هذا الفعل اشد على الطلبة من أقسى الكلمات، وكان أثره الطيب في نفوسهم أكبر من أي موعظة. ولم يكن يتردد في الدخول مع جنوده حتى إلى الحمامات ليعلمهم اصول النظافة، وفي مبنى رئاسة الوزراء كان لا يتردد في تفقد المكاتب لإطفاء الكهرباء المستخدمة بلا مبرر وكان يرى في ذلك هدرا للمال العام، فقد كان الرجل شديد الحرص على المال العام، وهو حرص يترجم نظافة الكف وعفة النفس اللتين كان يتصف بهما.

وعند النفس نقف لنقول ان دولة الدكتور عبدالسلام المجالي كان رضي النفس، حنونا وأذكر انني في عام 1996 جادلته لأسابيع كي يتحدث عن الشهيد وصفي بندوة عقدناها في المركز الثقافي الملكي، وكان سبب تردده في الحديث عن وصفي خوفه من أن ينهار باكياً عندما يتحدث عن الشهيد الذي أحبه، وبعد جهد جهيد واستعانة ببعض من يحبهم توصلنا إلى حل وسط، هو أن يترأس جلسة من جلسات الندوة بالكاد استطاع أن يمنع خلالها دموعه، وقد لمست صورة أخرى من صور حنانه عندما زرته قبل اسابيع مع مجموعة من أعضاء جماعة عمان لحوارات المستقبل، فجرى بيني وبينه حديث هامس عن وصفي وسعيد ونعيم وإدريس وهم من أقاربي الذين عرفهم في مراحل مختلفة من الحياة كان يستذكرها بكثير من الحنو، ومثل عظيم حنوه كانت سعت صدره وحلمه، وقدرته على الصبر والتسامح وقد عايشت ذلك بنفسي مراراً وتكرارا، عندما كنت مديرا عاما للمطبوعات والنشر، وكان وهو رئيسا للوزراء الذي يتدخل بلطف حتى لا أقول برجاء لوقف الكثير من الإجراءات القانونية بحق صحفيين، خاصة اولئك الذين كانوا يسيؤون له شخصيا. والصفح من شيم الكبار كفقيدنا الكبير عبدالسلام المجالي رحمه الله. الذي كان همه الأكبر خدمة شعبه، وأذكر أنني كنت أجلس معه ذات مساء في حديقة رئاسة الوزراء عندما قال لي ان عمره يومها كان خمسة وسبعين عاما وأنه حقق على الصعيد الشخصي أكثر مما كان يتوقع، فقد تولى أعلى المراكز، كما أن أبناءه من الناجحين في مجالاتهم، ولم يبق لديه إلا أن يمكنه الله من تقديم المزيد من الخدمة للناس. الذين أحبهم فبادلوه حبا بحب عليه رحمات الله.

محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF