م. فواز الحموري
قبل فترة قصيرة، زرت الخال (كما يطرب ويعتز بذلك لما له من مودة واحترام في النفس) المرحوم جواد مرقة (أبو محمد)، استقبلني وزميل لي في منزله بترحاب وتفاؤل وأمل للمساهمة في عمل الخير والتبرع السخي والدعوة للم الشمل والتعاون والتآلف ونبذ الخلاف والعمل المخلص والجاد من أجل المصلحة العامة.
كان رحمه الله قد أجريت له قبل مدة عملية في الركبة وتعافى منها وأصر على الجلوس معه والتحدث في أمور عديدة ومنها كيفية تطوير العمل الخيري والتفكير في إدامته وتوسيع مجالات العمل لتشمل المحتاجين بحق وتنمية الأموال وتحسين الاستفادة وزرع المحبة في النفوس.
وعدت الخال على معاودة الزيارة وأمس وصلني خبر انتقاله إلى دار الحق مخلفا رحلة من المشوار الإعلامي المشرف والوطني المخلص، حيث شكل موسوعة إعلامية على مدار سنوات خدمته في الإذاعة والتلفزيون وجهوده المهنية في تأسيسهما بكل جهد وموهبة واقتدار وبشهادة جميع من عمل وزامله عبر درب لم يكن سوى مشوار غني بالتجربة والتحدي والتفوق على العقبات في معترك السياسة والإعلام والظروف التي رافقت مراحل الأردن والعالم العربي على حد سواء.
من عائلة كريمة وإعلامية مشهود لوالده رحمه الله وله ولإخوته، بارك الله فيهم، حرص الخال جواد على تكوين مدرسة خاصة به تميزت بالرجولة والمهنية والحرص سواء من خلال منبر الإذاعة الأردنية والتلفزيون الأردني والرسالة السلمية والواثقة والشاملة للمعرفة واحترام المواقف وتقديرها مع مسيرة الأردن والتنمية وبناء المواطن الفطن وتوفير وجبة إعلامية له تستحق المتابعة والاستماع والمشاهدة والتحليل.
خلال جميع المناسبات الاجتماعية واللقاءات الخاصة، كنت أستمع لحديثه الطيب ونصائحه القيمة وخلاصة تجربته في الحياة؛ كان يردد دوما–رحمه الله -: «أحبب ما تعمل وسر واثق الخطوة وسوف يحالفك النجاح حتما».
لم يثنه المرض عن التواصل مع الجميع والسؤال عنهم سواء من الأهل والأقارب والمعارف وزملاء العمل الإعلامي والحرص على مد يد العون من خلال الاستشارة والكلام الطيب ومجلسه الأنيق بمضمونه والراقي بمستواه.
حين سعدت بزيارته قبل فترة ليست بالقصيرة، كان ينظر للمستقبل برجاء متابعة الشباب المسيرة وتحملهم المسؤولية والاستفادة من خبرة الحكماء اختصار إلى العديد من التفاصيل والتي تشتت الانتباه وتفرق بدل أن تجمع وتوحد، كان متقد الحماس في مواصلة الجهود وتعزيز فضل الإنجاز وفي المجالات كافة وتأهيل الطاقات الشابة للعمل بوفاء وانتماء وحسن تقدير وسعي دون الشعور بالكلل والملل والإحباط، وكمّ كانت الصور في منزله تتحدث عن نفسها وعن قصتها مع مشوار المرحوم المشرف في رحلته الإعلامية عبر العقود الماضية من العطاء.
تربطني بالمرحوم صلة القرابة والمودة وتلك الجلسات والاجتماعات الخاصة مع قامات من آل مرقة والذين كانت لهم جهود وطنية ناصعة ومنهم معالي المرحوم د. أسحق مرقة سواء حينما كان يخدم في المدينة الطبية والمجلس الاستشاري الوطني ووزارة الصحة ومن قبل في نقابة الأطباء والمرحوم والوطني المخلص د. جميل مرقة والذي كان أول مدير لمستشفى البشير وساهم في مأسسة من التجارب الخيرية والتعليمية وفي مجلس نقابة الأطباء والمجلس الوطني الفلسطيني والعديد من المحاولات الإنسانية لربط عمل الخير بمجالات العطاء المتاح والحمد لله وفق نجله صالح لمتابعة المشوار، كنا نجتمع معهم في اللقاءات والمناسبات العائلية والاجتماعية لننصت إلى مضمون حديثهم ومتابعة فكرهم النير وبدعم من الإعلامي والخال جواد مرقة بتعليقاته الذكية وحسه الوطني العميق.
فقدنا وخسرنا إعلاميا فذا ساهم في نهضة الأردن الإعلامية وغرس في نفوسنا ذوق الاستماع الراقي للرسالة الإعلامية والاحاطة الشاملة بما تقتضيه المراحل من حكمة وحصافة وحسن تدبر ورشد وسداد.
منعني ظرف المرض من المشاركة في مراسم الدفن والعزاء، ولكن فقدان الخال والإعلامي الفذ هو خسارة كبيرة لا تعوض سوى بتكريم لائق ومناسب لمسيرته الطيبة وأسرته الكريمة من السادة جودت وجرير عبر الأثير والفضاء الرحب والحقيقة.
رحمك الله أيها الخال الطيب وأسكنك فسيح جناته وأفرغ على من غرست في نفوسهم الخير صبرا ومواساة، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
[email protected]