ها نحن نودع عاما يمضي ونستعد لاستقبال عاما يأتي،وهي فرصة لمراجعة النفس لمعرفة النجاحات التي تحققت خلال العام المنصرم فنعظمها من خلال الأخذ باسبابها، مثلما أنها فرصة للاعتراف بمواطن الإخفاق والفشل لنحاول أن لا نكررها من خلال تجنب أسبابها.
والمراجعة المطلوبة يجب أن تتم على الصعيدين الشخصي والعام لأنهما متداخلان، فالفرد ابن بيئته ووطنه، والبيئة التي يعيش فيها الفرد هي نتاج سلوك مجمل الأفراد الذين يعيشون في هذه البيئة ويرسمون ملامحها،وكذلك هو الوطن، لذلك ترتسم الصورة المبدئية للفرد لدى الآخرين من خلال صورة وطنه لديهم، وعلى ضوء هذه الصورة تتحدد مكانته لديهم، وأسلوب تعاملهم معه،وهذا سبب تتفاوت قيمة جوازات السفر في المطارات من دولة إلى أخرى، فجواز السفر وثيقة تحدد أسلوب تعامل الآخرين معك ومدى احترامهم لك وحفاوتهم بك، حسب الصورة المرسومة لبلدك لدي?م، لذلك فإن أول دعوة نوجهها للاردنيين في العام الجديد،هي أن نكون حريصيين على صورة بلدنا وجعلها مشرقة دائما، بأن نحمي وطننا من سوء الظن الذي يشوه الحقائق ويسيئ لصورة الوطن، وذلك بالامتناع عن الانسياق وراء الإشاعات المغرضة التي تسيئ لبلدنا وصورته، لأننا بذلك نسيئ لانفسنا بصورة شخصية،فمن الثابت أن صورة الفرد مستمدة في الكثير من جوانبها من صورة الجماعة التي ينتمي إليها والتراب الذي يقيم عليه، أي من صورة وطنه.
الدعوة الثاني التي نوجهها للأردنيين في مستهل العام الجديد هي أن نحسن استثمار أوقاتنا ليس فقط لأن الوقت هو أعظم رأسمال يمتلكه الإنسان، بل لأن الحقيقة الصادمة تقول اننا من أقل شعوب الأرض إنتاجية،واكثرها هدرا للوقت فيما هو غير مفيد وغير منتج ففي الوقت الذي تغص به المقاهي بروادها،فان المكتبات وقاعات المحاضرات والمسارح تبدو خاوية على عروشها، وهنا تبرز دعوتنا الثالثة للأردنيين في عامهم الجديد وهي أن نجعله عام الزرع الثقافي، فالشعوب التي لا تهتم بثقافتها وبغذاء عقلها ووجدانها،تسود فيها عقلية القطيع يسهل قيادها، ث? إنه حرام لبلد انجب عرار، وأديب عباسي وعبد الحليم عباس، وحسني فريز، وتيسير السبول،ان يجدب عن العطاء الثقافي، لأنه سيجدب عند إذن عن العطاء السياسي والاقتصادي، فطبيعة ثقافة أي شعب هي التي تحدد نمط حياته منتجا كان أم عالة على غيره.
الدعوة الأهم التي نوجهها للجميع هي أن على كل واحد منا أن يتذكر قبل أي كلمة يقولها أو يكتبها أو موقف يتخذه أو تهمة يطلقها جزافا أن يتقي الله بالأردن، وأن يتذكر أن الأردن أهم من الجميع.
لذلك نصلي لله العلي القدير أن يكون العام الجديد عام الإنتاج الأردني.
