خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

فوضى وخريف عربي مستتر

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
بلال حسن التل

كانت أخطر مظاهر ما سمي بـ «الربيع العربي» الفوضى التي عمت شوارع الكثير من العواصم والمدن العربية، وعندي أن هذه أقل صور الفوضى خطراً، لأنها فوضى واضحة المعالم وظاهرة للعيان ويمكن التعامل معها والحد من خطورتها، وهو ما تم بالفعل في معظم العواصم والمدن العربية، غير أن الذي فات أصحاب القرار الذين تعاملوا مع الفوضى في الشوارع العربية، أنهم لم يعالجوا أسباب هذه الفوضى للقضاء عليها نهائيا، بالإضافة إلى أنها ربت لديهم عقدة خوف في التعامل مع الظواهر الشاذة التي بدأت تظهر في مجتمعاتنا، والتي نقلت الفوضى من الشوارع ال?ربية إلى منظومة المفاهيم والسلوكيات، وهذه أخطر أنواع الفوضى لأنها فوضى مدمرة، تعمل على تدمير المجتمعات بهدوء وسلاسة، تماما مثلما يفعل مرض السرطان بجسم الإنسان الذي يبتلى به.

فوضى المفاهيم المدمرة نلحظها في كل المجالات والمؤسسات، ففي مجال الثقافة وهو أخطر المجالات تأثيرا على الأفراد والدول، لأنه يتعلق ببناء المفاهيم والقناعات ومن بينها مفهوم الانتماء والولاء للوطن ودولته، ومن ثم دور الثقافة ببناء هوية المجتمع ودولته، في هذا المجال نلاحظ وخاصة في بلدنا بعضاً من السطحية والضحالة في الوسط الثقافي ومنتجاته، واستسهال الفعل الثقافي حد الاستباحة، فلا يكاد يمر يوم إلا ونسمع فيه عن ولادة روائي أو شاعر أو قاص أو مسرحي، يكون همه ابتزاز المؤسسات لشراء بضاعته بممارسة تجارية مبتذلة، دون أن ي?ون فيما يطرحه مضمونا أو إضافة نوعية لحياتنا الثقافية، مما يجعلنا نتحسر على مرحلة ناصر الدين الأسد ومحمود السمرة،والأخوين ياغي وعبد القادر الرباعي ووليد سيف وإبراهيم السعاقين، ونبيل حداد ونايف أبو عبيد، وحيدر محمود وهاني صنوبر ومهنا الدرة وصلاح أبو هنود والأخوين المشني نبيل وأسامة، وغيرهم كثير من الذين بنوا على ما تركه المؤسسيون فأثروا المشهد الثقافي الأردني والعربي، أطال الله أعمار الأحياء منهم، ورحم من مات.

المجال الخطير الثاني الذي تسوده الفوضى الملموسة في حياتنا اليومية هو مجال الإعلام، حيث غابت المعايير والأخلاق المهنية والضوابط المجتمعية وتراخت الضوابط القانونية فانتشر الابتزاز والتشهير، واستشرت التفاهة الثقافية، وصار اختراق منظومة المناعة الوطنية سهلا جدا في ظل البحث عن المال عند الكثيرين من الذين يصنفون أنفسهم إعلاميين.

أما الفوضى في الاقتصاد فحدث عنها ولا حرج، فمن شركات وهمية إلى مشاريع وهمية، إلى ألوان غير مسبوقة من فنون النصب والاحتيال نتج عن ذلك كله شريحة صغيرة من الإثراء مقابل أكثرية من الفقراء.

أما الفوضى في مجال السياسة فحدث ولا حرج فقد ساد الرويبضة، وصار الخطاب السياسي البذاءة والرخص بسبب ضحالة الكثيرين ممن يصنعون على أنهم ساسة.

خلاصة القول ان فوضى ما سمي بـ «الربيع العربي» انتقلت من الشوارع إلى المؤسسات والعقول، فصارت خطرا حقيقيا في كثير من الدول لا تعالجه هراوي العسكر، فعلاج العقول والنفوس يحتاج إلى غير الهراوي.

محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF