الوضع المالي مستقر لكنه ليس مثاليا بل هو خطير بالرغم من دفعات الطمأنينة التي يسعى وزير المالية لبثها بين الحين والآخر.
الحكومة التي تتجه لاقتراض 2.3 مليار دينار العام المقبل كما في موازنة التمويل ماليتها ليست بخير.
ستحتاج الحكومة لسد عجز الموازنة بنحو 1.9 مليار وتمويل عجز سلطة المياه بمقدار 350 مليونا.
ستقترض الحكومة 900 مليون من الخارج. أي أنها تستعد لإصدار سندات جديدة في ظل ظروف اقتصادية عالمية مضطربة وأسعار فائدة مرتفعة.
ديون الحكومة من صندوق استثمار الضمان بلغت 7.7 مليار دينار صحيح أنها تسدد بوقتها الطبيعي المحدد لكن الصحيح أيضا أنها عبء كبير.
في ظل كل هذه الظروف فان خسارة الخزينة لمبلغ ٥٥٠ مليون دينار هي ايرادات فاتت عليها جراء تثبيت اسعار المحروقات لشهور خمسة ليست سهلة.
إذا استمرت الحكومة بتثبيت أسعار المحروقات لشهور خمسة اضافية فأن خسارتها أو إيراداتها الفائتة في المحروقات ستتجاوز مليار دينار–على فرض استمرار الأسعار العالمية بنفس مستواها–ما يعني أنه يتعين عليها أن تستدين ٣.٣ مليارات دينار بدلا من خطتها لاستدانة ٢٠٣ مليارات دينار.
هناك عجز في الكهرباء تكفله الحكومة وهناك عجز في المياه تكفله الحكومة ايضا وتسدده بالنيابة والهدف هو تثبيت الاسعار عند حدود يحتملها المستهلك.
لا أحد يقبل أن تتفاقم الأزمة ولا أن نكون مثل أوروبا التي لجأت إلى نظام القطع المنتظم للكهرباء لمواجهة انقطاع امدادات الغاز وارهقتها اسعار البترول المرتفعة، ولسان حالها يقول ان تتوفر السلعة ولو باسعار مرتفعة أفضل من أن لا تتوفر ولو بأرخص الأثمان.
خاض الاردن مراجعة ناجحة مع صندوق النقد وحصل على تصنيف ائتماني مستقر إيجابي لأنه سيطر على عجز الموازنة وعلى التضخم فهل من المقبول التضحية بهذا كله لتحقيق شعبوية تدغدغ عواطف المستهلك!؟.
المطالبون بالدعم على إطلاقه يتساوون بذلك مع الراغبين لأن يبقى مصير البلد متوقفا على عطف البنك الدولي، إنسانية صندوق النقد الدولي، وتعاطف المانحين التي تلتفت لأول مرة في تاريخها إلى دعم مواطنيها ولم يعد لديها ترف الاهتمام لتوفيرنا للبنزين والكهرباء بأقل من الكلفة.
من المؤكد أن رفع أسعار المحروقات وغيرها من السلع لن يكون في محل ترحيب، ولكن تفهم الأسباب والظروف والنتائج ضرورة إذا شرحت لشفافية وأمانة.
المشاكل المالية لا تعالج بتصريحات مطمئنة ولا بانتقادات عدمية بل بقرارات جريئة لكن صائبة وبشرح منفتح.