في ظني أن قليلين هم أولئك الذين يقدرون حجم خسارتنا برحيل المفكر والكاتب والشاعر ابراهيم العجلوني، الذي رحل عنا هذا الأسبوع بصمت، وفي ظني أن قامة أدبية وفكرية بحجم إبراهيم العجلوني وثراء عطائه وبحجم حضوره العربي لو كان في بلد اخر لكان نجما يشار إليه بالبنان، ولخصصت لرحيله برامج مسموعة ومرئية، لكن إبراهيم عاش ومات في بلدا لا يتقن صناعة النجوم والرموز،خاصة في مجال الفكر والثقافة، في مجتمع تقبع الثقافة في ذيل أولوياته.
تعرفت على الراحل إبراهيم العجلوني في منتصف سبعينيات القرن الماضي، في مقر جريدة اللواء في جبل عمان، وقد استقطبناه للكتابة فيها، والاشراف على صفحاتها الثقافية والأدبية. ومما عمق أواصر الثقافة بينا على الصعيد الشخصي تعلق كل منا بمصطفى صادق الرافعي، وعباس محمود العقاد، واعجابنا بكتاب أباطيل واسمار وكتاب المتنبي للكبير محمود محمد شاكر، ومما زاد من عمق علاقتنا أن كلانا كان محل رعاية العلامة الاستاذ الدكتور ناصر الدين الاسد، بالاضافة إلى الكثير من الطموحات والأحلام الثقافية، ولعله كان من أكثر المشجعين لي على تأسيس دار النشر والتوزيع، كان من بواكير منشوراتها كتابه نظرات في الواقع الثقافي الاردني وكان ذلك عام 1979.
تفرقت بنا سبل العمل بعد ذلك فتنقل ابراهيم بين $ التي عشقها وإذاعة المملكة الهاشمية في قسمها الثقافي ايام القها، ولم يسجل عليه أنه حاول تلميع نفسه أو أحد أصدقائه من خلال هذا الموقع كما فعل غيره،وبين وزارة الثقافة والخطوط الجوية السعودية، ووزارة التعليم العالي،والجامعة الأردنية وهي مواقع عمل بها ابراهيم ذكرتها دون ترتيب زمني، وفي كل المراحل ظل يلازمه حلمه في إصدار مجلة تعبر عنه وعن أفكاره فأصدر مجلة مواقف، التي لم تعمر طويلا لأسباب مادية بحتة.
لعل من أسباب تنقل ابراهيم العجلوني في مواقع عمل كثيرة، أن القلق كان رفيقه الدائم، فقد سيطر عليه قلق المبدع الذي يبحث عن الأفضل في كل شيء، فلا يجده في شيء بهذه الحياة الدنيا التي رحل عنها إبراهيم العجلوني إلى دار الراحة الأبدية.