كتاب

الملك للحكومة.. الوقت عامل حاسم

أظهرت الأسابيع الماضية توجهاً ملكياً للتركيز على المضي قدماً بمخرجات مساري التحديث السياسي والاقتصادي، وترافق ذلك مع الموافقة السامية على تعديل الحكومة برئاسة الدكتور بشر الخصاونة لتمكين الحكومة من تحقيق خطوات ملموسة في الملفين اللذين أرادهما جلالة الملك نتاجاً لحوار اجتماعي نخبوي يجمع المختصين والملتحمين مع التحديات المختلفة من أجل إعمال النظر في التحديات الماثلة أمام الأردن، وبذلك يمكن التأكيد على أولوية هذين المسارين، ومعهما الإصلاح الإداري الضروري من أجل تذليل العقبات أمامهما في الرؤية الملكية من أجل ا?تأسيس لمرحلة جديدة يخوض فيها الأردن بكفاءة ومرونة التغيرات المرتقبة على خارطة العالم الجيوسياسية والتكنولوجية التي من شأنها أن تؤسس لعالم جديد.

الوقت ليس مفتوحاً، واستمرار الحكومة كان تأكيداً على ضرورة الاستجابة المسؤولة لمتطلبات المرحلة الراهنة، وعدم إتاحة الفرصة للتعذر بعملية استلام وتسليم الملفات بين حكومة وأخرى، أو طلب التمهل من أجل الإحاطة بالمعطيات من قبل مسؤول أو آخر، ولذلك أتى الخطاب الملكي واضحاً وباتاً وجازماً بعدم قبول التراخي في تنفيذ مشروع التحديث أو التراجع عنه أو تأجيله، فالمشكلات والأزمات التي شهدتها المنطقة تباعاً منذ الربيع العربي وآثاره الوخيمة على استقرار بلدان الجوار، وما لحقها من جائحة الوباء العالمية استهلكت الكثير من الوقت،?والمنطقة بأسرها في سباق من أجل استئناف مسيرتها التنموية في ضوء أجواء من التفاؤل المبرر.

الأشقاء في الخليج اليوم يبدون أقرب من أي وقت سبق، ومشروع الشام الجديد يستأنف مسيرته بعد المؤشرات الإيجابية من الجانبين العراقي والمصري، والترتيبات في شرق المتوسط تخفض من مستويات التوتر التي سادت في الماضي، وعليه فالأشهر المقبلة تعتبر فرصة ثمينة لاستغلال هذه الأجواء واستدراك محطات التأخير الماضية، أما تيارات التشكيك والتشاؤم فيمكن أن تكتفي بتدارس الخطوات الجريئة التي اتخذت وأن تتأمل في تاريخ المملكة ومنجزها الأساسي المتمثل في الصمود والتقدم تجاه تحقيق الاحترام والاعتراف من الجميع بصوابية رؤاها وتقديراتها أث?اء العاصفة السياسية الكبرى التي هددت المنطقة ليخرج الأردن منها بمكتسبات سياسية نتجت عن حكمة صناعة القرار والتعامل المسؤول مع الشركاء والأصدقاء، وهذه المكتسبات يتوجب تحويلها اليوم إلى منجزات ملموسة للمواطن الأردني الذي تحمل جزءاً من التكلفة الباهظة للمرحلة الماضية.

بواقعية وتفهم لمعطيات التحولات في المنطقة يؤكد الملك أن على حكومته وجميع المؤسسات أن تخرج من صندوق أفكارها القديمة وهي تخاطب الشركاء من أجل الاستثمار الذي لم يعد تعبيراً عن المحبة والدعم بقدر ما يمثل شراكة قائمة على تحقيق العائد والربح للمستثمر، وهو ما يحتم على الحكومات أن تحسن من تنافسية الاقتصاد من خلال العمل على تحديث القوانين والأنظمة.

حديث جلالة الملك خلال ترؤسه جانباً من جلسة مجلس الوزراء يوم أمس يحدد المتطلبات بصورة واضحة، ويحمل في طياته إشارات يتوجب التقاطها من الفريق الحكومي ومن مختلف القيادات التنفيذية بأن المسيرة ستمضي وأن أي محاولة تعطيل أو تأخير ستكون عرضة للمحاسبة الفورية، فالوقت يعني اليوم الكثير قياساً في ظل التحديات التي واجهت الاردن والمنطقة في السنوات الاخيرة.