كنت من أوائل من انتبه ونبه إلى حيوية وانفتاح سفير خادم الحرمين الشريفين لدى البلاط الملكي الهاشمي، سعادة السيد نايف بن بندر السديري وقد كتبت في $ الغراء حينها حول انفتاح سعادته وقدرته على الحوار، وأن ذلك يؤسس لمرحلة جديدة وغير مسبوقة في الدبلوماسية الخليجية، التي عرفناها دبلوماسية تقليدية محافظة إلى أن بدد السديري هذه الصورة بانفتاحه وقدرته على الحوار، وانفتاحه على المجتمع وانخراطه في الحياة العامة ولذلك بادرنا في جماعة عمان لحوارات المستقبل لاستضافة سعادته في حوار مفتوح على مدرج الرئاسة في الجامعة الأردنيّة.
مناسبة هذا الكلام هو حديث السفير السديري مؤخرا عن المخاطر التي تهدد الأردن من حدوده الشمالية، وهي المخاطر التي تأخذ أكثر من شكل، فتتراوح من القواعد العسكرية إلى تهريب المخدرات، مؤكدا أن هذه المخاطر التي تهدد الأردن هي تهديد للمنطقة كلها، معرجا في حديته على التاريخ الاجتماعي الذي يربط الأردنيين بالسعوديين وهذه حقيقة لا تقبل نقاشا، فجميعنا يعرف أن الكثير من القبائل والعشائر الأردنية تتحدر من مناطق الجزيرة العربية المختلفة، وأن التزاوج والتزاور مستمر خاصة مع أهلنا في السعودية، لذلك فإن تاريخنا الاجتماعي يكاد ?كون واحدا، ما يحتم علينا التلاحم لحماية هويتنا الاجتماعية ضد محاولات تدميرها وتغييرها أو تشويهها على الأقل، تحت عناوين مختلفة سياسية أو مذهبية، أو ثقافية، مع علمنا الأكيد بأن هناك من هم من أبناء جلدتنا ممن يضعون جهودهم في خدمة مخططات التغيير والتشوية وصولا إلى شق الصف، وهذا التلاحم لحماية هويتنا الاجتماعية يتطلب جهدا مشتركا في مجال الثقافة والإعلام والدراسات على وجه الخصوص، بالإضافة إلى أهمية التذكير الدائم بالجوامع المشتركة بيننا، حيث تبرز الجغرافيا عاملاً مهماً يربطنا بالأشقاء السعوديين لذلك من المهم الت?دي لأي محاولة لتحويل الأردن إلى ممر المخاطر نحوهم، ومن المهم أن يظلوا هم على قناعتهم بأن أمن الأردن واستقراره مهم لأمنهم واستقرارهم.
إن مما يزيد من أهمية ما قاله سعادة السفير السديري إنه يأتي في وقت تعيش فيه السعودية لحظة تحول تاريخي على جميع المستويات، وفق رؤية 2030، وفي وقت يزداد فيه حضورها وتأثيرها على الساحتين العربية والعالمية، ما يجعلها قادرة ومؤهلة لقيادة مشروع عربي، تواجه به امتنا العربية المشاريع التي تستهدفها.