كتاب

الأردن وقمة «لم الشمل» في الجزائر

اختار الجزائريون «لم الشمل» اسماً لمؤتمر القمة العربية الذي يبدأ أعماله اليوم في عاصمتهم في دورته الحادية والثلاثين وسط تحديات كبيرة يرتبط معظمها بقضايا يمكن وصف كثير منها بالشائكة أو المعقدة سواءً ما تعلق منها بالعلاقات البينيّة بين دولنا العربية أو تلك التي تحكم تفاعلات الدول العربيّة مع محيطيها الإقليمي والدولي.

ولم يختلف، كل من التقيناهم من مسؤولين وسفراء عرب، على تأكيد أهمية دور الأردن في إنجاح المشاورات والأعمال والاجتماعات التحضيرية وخلق الأجواء الإيجابية التي أفضت إلى إنتاج توافقات حول كثير من القضايا التي تهم دول المنطقة وسيعبر عنها بوضوح في البيان الختامي.

وتعكس مشاركة مندوب جلالة الملك سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني في القمة العربية رسالة الأردن التي تؤكد أن المملكة كانت على الدوام وما زالت ملتزمة وبشكل كامل بدورها القومي وأنها لن تتخلى عن عمقها العربي كخيار لا تتقدم عليه خيارات أخرى.

الدبلوماسية الأردنية التي يقودها جلالة الملك ونفذ هندسة اجراءاتها المتعلقة بالقمة وزير الخارجية أيمن الصفدي إنما تأتي انطلاقاً من إيمان الأردن الراسخ بأن عمقه الاستراتيجي يكمن في علاقات عربية قوية تستند إلى قاعدة المصالح المشتركة، الأمر الذي جعله حريصاً دوماً على ضرورة استدامة ودورية انعقاد القمة العربية باعتبارها إطاراً تنظيمياً مهماً لتوثيق وترسيخ وتطوير العلاقات العربية وسبل التعاون والتكامل والشراكة في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية ومواجهة التحديات التي تواجه دول وشعوب الأمة وايجاد حلول مشتركة لها وبخاصة أن الأردن كان من أوائل الدول العربية المؤسسة لجامعة الدول العربية.

التأثير السياسي للأردن كان حاضراً حتى في حواراتنا مع العديد من المسؤولين العرب وكذلك في اللقاءات التي جمعت المسؤولين الأردنيين مع نظرائهم العرب والذي انعكس بمجمله على القضايا المطروحة على جدول أعمال القمة من حيث تصدر الرؤية الأردنية حول القضية الفلسطينية والقائمة على دعم حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على ترابه الوطني وعلى أساس حل الدولتين، إضافة إلى الرفض المبدأي القاطع لكل أشكال التدخلات الإقليمية في شؤون الدول العربية دون الدخول في تفاصيل كل حالة، إضافة إلى موضوع التعاون العربي في مجال الأمن الغذائي الذي كان الأردن من خلال جلالة الملك من الدول السباقة لطرحه على المستويين العربي والدولي والذي يمكن أن يسهم عربياً في خلق نوع جديد من التعاون العربي يعد مهماً وضرورياً من حيث طبيعته ومدى الحاجة إليه اضافة الى التوقيت حيث باتت دول العالم أكثر اهتماماً بعد جائحة كورونا وتبعات الأزمة الروسية الاوكرانية بالبحث عن سبل وآفاق جديدة لتعزيز منظومة الأمن الغذائي وإيجاد آليات أكثر نجاعة لضمان استمرارية حركة تدفق سلاسل التوريد المرتبطة به بسهولة ويسر وأمان.

في السطر الاخير يمكن القول إن الأردن يعمل بجهد كبير وبلا كلل، ويحمل آمالاً كبيرة لانطلاق آفاق جديدة للتعاون العربي وأن تكون هذه القمة منبراً لتأطير جهد عربي مؤسساتي فاعل، وبرامج ومبادرات محددة، تزيد من قدرة الأمة العربية على مواجهة التحديات، وتحقيق الإنجاز، بما يخدم القضايا العربية المشتركة.