لم أرَ في حياتي فوضى تمويل أجنبي كما هو الحال لدينا، فالتسابق على إقامة المراكز المموّلة أصبح موضة للبعض دون أي اعتبار وطني، فالأهم والمهم لديهم التمويل والحصول عليه ومهما كان الثمن حتى لو على حساب خراب البلد وتدمير مستقبله وسمعته عالميًّا ومحليًّا، فأين نحن عما يجري؟ أم أننا سنسمح لهم باستباحتنا والإساءة لمجتمعنا مقابل بضعة من الدولارات واليوروهات.
الغريب أن بعضاً من تلك المراكز تتسابق على أي واقعة فردية سلبية لتنهال بعدها بالاتهامات والندوات والدراسات المموّلة والخبيثة والتي هدفها الإساءة فقط للوطن سياسياً واقتصادياً وإعلامياً وحريات وغيرها من تهم التمويل، لينهالوا علينا بعدها بمؤشرات عالمية هي صنيعة دولاراتهم وأطماعهم، فتارة تجدنا الأسوأ في استقبال المستثمرين والتعامل معهم ومرة تجدنا الاسوأ في الحريات ومرة تجدنا دولة قمعية ومرة تجدنا دولة مفككة اجتماعياً ومرة تجدنا شعباً يرغب بالهجرة ومرة تجدنا يائسين والأقل فرحًا وسعادة، وهذا ما يتنافى ويتناقض مع ?اقعنا ونهجنا السياسي والاقتصادي والمجتمعي على الإطلاق.
ملايين الدولارات تنهال على تلك المراكز وهذا شيء لربما يكون محموداً لو أنها تتناول الإيجابيات والسلبيات معا، بل أنها مخصصة لتسليط الضوء على تصرفات سلبية فردية وحالات لا تكاد تعد على أصابع اليد الواحدة، غير أنها تسوّف وتضخّم من قبل تلك المراكز ولغايات جني أموال أكثر وهذا ما هو واضح على حياة بعضهم الشخصية من قصور وفلل وسيارات فارهة وولائم وسهرات ومزارع ما كانت لتكون لولا أن بعضاً من صغار النفوس قرروا أن يعتاشوا على هموم وطنهم مستغلين بعض التصرفات الفردية ويعممونها على الجميع.
كافة المراكز والوكالات العالمية تشهد للأردن بالإيجابية وتحديداً في الملف الاقتصادي كان آخرها صندوق النقد الدولي ووكالة التصنيف العالمي التي ثبتت تصنيف الأردن على معدلات إيجابية، بالإضافة إلى التقدم في مختلف المؤشرات والمنحنيات وبمختلف القطاعات في المملكة، بينما يصر هؤلاء وهم كما خفافيش الظلام على أن يصوروا حالنا على أنه أسوأ من الأسوأ وإخراج صورتنا بشكل قبيح وكل هذا يستخدم ضدّنا في المحافل الدولية، ولعل آخرها تصريحات السفير الهولندي في المملكة والذي لو أنه في دولة أخرى لما تجرأ على أن يخرج بمثل تلك التصريح?ت ولأجل شخص بعينه فكيف له أن يقلق على وضع الحريات وهو يمارس نشاطاته وتصريحاته بكل حرية.
البقاء على تلك المراكز سيساهم في خراب الوطن بأكمله فهؤلاء لا يحرّفون الحقيقة وينقلونها للخارج فقط بل أيضاً يساهمون بإحباط الناس والمواطنين بنتائجهم السلبية والتي في أغلبها هي معدّة مسبقا لتستغل في الابتزاز والاستفزاز وتحقيق مكاسب شخصية إن حققوها تكون البلاد جميلة وإن لم يحققوها يهاجمون الوطن بكل ما هو سلبي وليس حقيقياً، ومن هنا أصبح الاستمرار في السكوت عن تلك المراكز وتمويلها كمن يشارك في خراب البلاد وخاصة أننا نعلم أن جزءًا منها ليس له هدف باستثاء تعميم السواد والاحباط، وفي النهايه وحتى ان استمروا نبشّرهم?بأن قافلتنا تسير إلى الأمام رغماً عن نباح مراكزهم الحاقدة والمموّلة على حساب الوطن.