خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

يا وجع القلب أيتها «اللويبدة»

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
م. فواز الحموري

وكأني تحت الأنقاض منذ تلك اللحظة التي كان الخبر وجعا على شاشة الأخبار؛ انهيار عمارة سكنية في اللويبدة، كأني معهم، يبحثون عن احلامنا وباقة الياسمين التي عطرت المكان والزمان وعن هواء اللويبدة المنعش كما أكسجين الدفاع المدني وكما حدس رجال الإنقاذ واصرارهم على أن بين الأنقاض أحياء.

يا وجع القلب على من فقدنا من أعزاء وقد كنت على تواصل مع معلمات مدرسة فقدت طالبة وثانية حتى ساعة معينة فاحترق قلبهن قبل علم أهلهن؛ عرفن طالباتهن بمسيج من الروح وذات الابتسامة ونفس المريول المدرسي.

كل شبر من اللويبدة يشهد بالهدوء الذي غاب مع زحمة البناء وتغطية المشهد بمناظر طمست هوية اللويبدة الوادعة والتي لم تسمح للغرباء الاقتراب من سكينتها وجلال بهاء ذكريات أهلها وعطرها الفواح مع المشوار من كل موقع وحتى كل ركن سكنته الروح وداعب خيالها مع المواسم المتلاحقة على دورها المصفوفة كعقد جميل وأنيق يزين عنق عمّان الوادعة بهدوء اللويبدة وعراقتها.

يا وجع القلب حين نسمع عن انهيار ما تبقى لنا في اللويبدة من روح وراحة واعزاء يمشون عنا الخطوات ويحملون تلك الأكياس من وإلى القلب رغما عن التعب والمسافات ورغما من مشاريع الاكتظاظ والضوضاء في قلب القلب والوجدان «اللويبدي» وأزقة العشق والمطر والرائحة الزكية وأزهار اللويبدة في كل دار سكنتها عائلة عمّانية وعشقت هدوءها قبل أن تسكن شرفاتها المطلة على التاريخ والبلد وجبال عمّان المقابلة لها ودا وعشقا.

يا وجع القلب وقبيل الغروب والذهاب إلى مسجد كلية الشريعة لصلاة المغرب وقبيل العلم بوفاة أعزاء أبرياء وأرواح فاضت إلى بارئها رغم ما يقال عن سبب الانهيار ونتائج التحقيق؛ كنا بين ضحايا الأنقاض نبحث عن أرواحنا في اللويبدة وعن تفاصيل مشوار الطفولة والصبا وبقية من العمر عدنا فيها زوارا للوبيدة كما هي الدنيا توزعنا بين أرجائها إلى أن تخطفنا الخرساء لموعد الحق المؤجل منذ حين الولادة.

هكذا وبكل بساطة تنهار أحلامنا وتسقط تحت الأنقاض، ننتظر من ينقذنا من هول الصدمة ومن صعوبة الموقف ومن طغيان البناء ومن صيانة ما ظل لنا من مهج هناك تنبض بأمل ورجاء، علنا نعود كما كنا صغارا (ويبدو أننا ما نزال كذلك)، ننتظر يدا تنقذنا مما نحن فيه وأكثر وتنقلنا إلى مشفى البراء من الأسقام والحزن والألم.

يا وجع القلب والأخبار تنقل لنا مشاهد الإنقاذ وجهود النشامى وعلى مدار اللحظات وعلى مدى صرخة أم مكلومة ومنظر ناج من بين الأنقاض، ودمعة تبلل ليل ثلاثاء أيلول اللويبدة المشرع كما يبدو لفرح الخريف وعودة الحرارة للاعتدال والبرودة من جديد عبر عتبات وأزقة الدور واطلالة جميع «الياسمينات» التي فقدنا جزءا منها برحيل صعب مؤلم يوم الثلاثاء وامتداد الأربعاء ولحظة ارتجفنا خوفا من الذهاب إلى موقع الحدث حتى لا نضيع وسط الركام.

يا أيتها اللويبدة: صبرا علينا وعلى كل مشاريعنا للصيانة والبناء والعمران والضجيج والالتفاف لمقابلتك عبر الأخبار؛ ثمة سيارة إسعاف سوف تسرع إلينا لنقلنا إلى الطوارئ وإلى غرفة الانعاش وأجهزة التنفس والعلاجات والأدوية إلى أن نفارق الحياة بعيدا عنك فيما يبدو واضحا وجليا مع نشرة الأخبار.

يا وجع القلب أيتها اللويبدة؛ انهارت بناية أحلامنا منذ الآن ومن قبل، حين خرجنا وانتقلنا بعيدا عنك، آه يا وجع القلب، ويا رحمة تُكلل من فاضت روحه إلى بارئها، ويا شفاء لمن يسكن المستشفى منتظرا الخروج منها سالما معافى، وقدرة ربانية لإخراج أحياء وأحياء من بين الركام والأنقاض، آه يا وجع القلب.

[email protected]

محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF