خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

تشكيل الأحزاب أم تَشكّلِها؟

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
د. أحمد يعقوب المجدوبة

هنالك فرق في تقديرنا عند الحديث عن الأحزاب بين مفهومي «التشكيل» و «التّشكُّل»، رغم الترابط والتكامل بينهما.

معظم ما نشهد الآن في الساحة يرتبط بعملية «التشكيل»، أي قيام عدد من الأفراد والمجموعات بالإعلان عن نيتهم تشكيل أحزاب، يتفقون على مُسمياتها ومبادئها ومؤسسيها، في مدد قصيرة، ثم يبدأون بفتح باب العضوية والترويج.

وهكذا يولد حزب، نتيجة لعملية «التشكيل» هذه، في فترة قياسية ودون سابق إنذار.

وهذا التوجه – من حيث المبدأ – مفهوم ومشروع ومُرحّب به، وبالذات بعد البدء بتنفيذ توصيات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية وبعد صدور قانون الأحزاب الجديد.

أما مفهوم «التشكّل» فمختلف تماماً، إذ يتطلب تفكيراً أعمق وتخطيطاً أدق وتنفيذاً أطول مدىً، كما يتطلب توعية أوسع وتنشئة وتربية جادتين. ويُؤخذ بعين الاعتبار الوقت الكافي لضمان خروج حزب ناضج مُقنع لمنتسبيه وللمجتمع، وفق عملية تشبه الحمل والولادة الطبيعيتين.

قلنا إن معظم ما نشهد في الساحة من أحزاب جديدة جاء نتيجة عملية التشكيل؛ لكن للدقة نستدرك فنقول إن بعضها قد يحتوي على أبعاد من عملية التشكل نتيجةً لتفاعلات فكرة الأحزاب وتجليّاتها عبر التجربة السياسية الأردنية والتي بلغت مئوّيتها الأولى.

لماذا الخوض هنا في هذه التفاصيل؟

أولاً، لأننا جميعاً ننشد حياة أفضل لأنفسنا ومجتمعنا، ولأنّ أحد السّبل لذلك، بناء على تجارب العديد من الدول، يتمثل في إفراز ديمقراطية مكتملة وناضجة، ولأنّ أحد أهم متطلبات تَحقّق ذلك وجود أحزاب حقيقية (لا شكلية) ومؤثرة.

ثانياً، لأنّ الحزب الناجح هو الذي يعي بعمق وبصدق نقاط قوته وضعفه وتحدياته وفرصه، ليضع استراتيجيته وخطط عمله بما يُلبّي الطموح.

ثالثاً، لأن الحزب الحقيقي المُكتمل الفاعل، وهذا ما يهمّنا هنا، هو الذي يُولَد نتيجة عمليتي التشكيل والتشكل معاً، لا عملية التشكيل وحدها.

والنقطة الأخيرة هي التي تهمنا هنا، داعين المهتمين بتشكيل الأحزاب، إلى إدراك أنّ العمل الحزبي الجاد يقوم على عمليات تهيئة وتنشئة وتربية مُحكمة ينجم عنها ثقافة حزبية راسخة، مبنيّة على معارف وقناعات وممارسات ومواقف.

لفت انتباهي خلال دراستي في أميركا أنّ الطالب الأميركي يأتي للجامعة ناضجاً حزبياً، ويظهر ذلك أكثر ما يظهر ليس في إطلاقه الشعارات الرّنانة، بل في موقفه من القضايا الحيوية وفي ممارساته اليومية.

والسؤال المهم في حالتنا، كون ديمقراطيتنا ما زالت ناشئة وكون انفتاحنا على الأحزاب جديداً إلى حد كبير، كيف نوفق بين التشكّل والتشكيل، كوننا في عجلة من أمرنا؟

لا نعتقد، واقعياً وعملياً، أن يكون مقبولاً أن نُصرّ على أن يسبق التشكلُ التشكيلَ. فهذا يأخذ وقتاً، يمتد إلى عقود وأجيال.

بالمقابل، ليس محموداً أن نكتفي بالتشكيل دون العمل على بُعد التشكّل، لأنّ التشكيل إذا لم يسبقه أو يوازيه أو يتبعه عمل جاد على التشكل، سيفشل لا محاولة، فالناس لا يستمرون طويلاً في العمل على شيء دون قناعات راسخة وأدوار حقيقية.

المطلوب في حالتنا أن نعمل على التشكيل والتشكل معاً، بالتوازي. نُشكّل ونبدأ بالتوعية والتنشئة والتربية والتدريب وغيرها من عمليات ينجم عنها أحزاب حقيقية مستقبلاً.

عملٌ كبير ينتظر الأحزاب على هذا البُعد.

محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF