فاجأني أحد المستثمرين وهو رئيس تنفيذي لاحدى اكبر شركات الاتصالات في المملكة، عندما أكد لي مستغربا ان الحكومة الحالية قامت بحل غالبية التحديات والمشاكل المتراكمة منذ سنوات والتي كان يواجهها المستثمرون في هذا القطاع وبشكل سريع دونما أي مماطلة ووعود لا تنفذ، فماذا تغير؟، وهل تعتبر بشرى لبقية المستثمرين في مختلف القطاعات؟
هذا المستثمر فاجأني أكثر عندما اخبرني انه وعند توقيع شركات الاتصالات مع الحكومة اتفاقية تشغيل الجيل الخامس 5G مؤخرا، وبعد قيامهم بطلب بعض من النقاط وايجاد حلول لبعض المشاكل التي قد تواجه عملية التشغيل، بان الحكومة قد اصرت على وضع كافة التحديات والمشاكل التي يواجهها القطاع على طاولة الحوار مع المسؤولين، ما ادى الى حل معظمها وبوقت قياسي وسريع ومستغرب من قبل المستثمرين في ذلك القطاع، نتيجة ما عانوه طيلة السنوات الماضية من مماطلة وبيروقراطية انعكست على اداء القطاع ونموه وقدرته على التطور والتشغيل.
كثيرة هي الاجراءات التي قامت بها هذه الحكومة واستطاعت من خلالها دعم الكثير من الاستثمارات وحل المعيقات والتحديات خلال السنوات الماضية ولعل ابرزها انها خففت كلف الانتاج من خلال تخفيف تعرفة الكهرباء على مختلف القطاعات والتي تتمركز بها مختلف الاستثمارات الاجنبية والمحلية وهي الصناعة والسياحة والخدمات الامر الذي يرفع من جاذبيتها للاستثمار ويرفع قدرتها التنافسية والانتاجية، وهذا ما تؤكده ارقام الصادرات التي تنمو منذ عامين رغم كافة التحديات وارتفاع اعداد السياح الوافدين للمملكة.
القطاع الصناعي مثالا، فغالبية المستثمرين في هذا القطاع كانوا يعانون ويتذمرون من امرين اولهما كلف التشغيل نتيجة ارتفاع الكهرباء عليهم وساعات الذروة والامر الثاني بعض المعيقات التي تواجهها في اسواق تصديرية اخرى، وهنا تدخلت الحكومة في تخفيف كلف الطاقة على القطاع بنسبة 15% ووضع خطة لتوصيلها بالغاز واحتياجاتها من الطاقة، ومؤخرا قامت الحكومة باتخاذ قرار بالمعاملة بالمثل مع مستوردات اي دولة تضع عوائق أمام دخول صادراتنا اليها الامر الذي انعكس على تفاهمات مع تلك الدول ستعلن قريبا، والاهم من هذا كله انها عملت على وض? قانون للبيئة الاستثمارية يناقش الآن في مجلس النواب.
الاجواء الايجابية والانفتاح غير المعلن من قبل الحكومة على المستثمرين يظهر أن نتائجة بدأت تظهر وتتضح من ارتفاع حجم الاستثمارات الكلية المستفيدة من القانون خلال النصف الأول من العام الحالي بنسبة 69% ليصل إلى 405.3 مليون دينار مقارنة بـ 239.7 مليون دينار خلال نفس الفترة من العام الماضي وبعدد مشاريع بلغت 202 مشروع استثماري، بحجم عمالة متوقعة كما سجلت من قبل المستثمرين ما يقارب الـ 9.3 ألف فرصة عمل وبحجم استثمارات محلية بلغ 300.6 مليون دينار وحجم استثمارات أجنبية بلغ 104.7 مليون دينار مشكلة ما يقارب 25.8 بالمئة?من حجم الاستثمار الكلي، وهذه الارقام وارتفاعها تؤكد ان المستثمرين لا يحتاجون سوى تبسيط الاجراءات والابتعاد عن البيروقراطية والمماطلة واستقبال ملاحظاتهم وشكاويهم باستمرار.
آمالنا جميعا مبنية خلال الفترة المقبلة على جذب الاستثمارات الاجنبية والمحلية القادرة على تخفيف معدلات البطالة وتساهم في التشغيل وتخفف نسب الفقر وتحقق التنمية المستدامة في كل مناطق المملكة، فالاستثمار وحده هو القادر على رفع قدرتنا على مواجهة كافة التحديات، ومن هنا سنبقى نشجع هذه الحكومة وغيرها بالانفتاح على المستثمرين والتجاوب معهم، فخسارتهم ليست من مصلحة الجميع.
